نحو
الامتلاء
على الرغم من الفخر الشديد بوجود البعثة السعودية في أولمبياد طوكيو من قبل شريحة مُعتبرة من المواطنين، إلاّ أن فاقدي المُنجز موجودون.
مؤلم جدًا أن أرى الوفد الأخضر يتنقّل من موقع إلى آخر وفي أوقات متفاوتة طمعًا في ذهب أو فضّة أو برونز وهناك من لا يكترث أو ربما ينتظر سقوط. وللاعتراف، فإن هذه الحالة تُلازم المنتخبات منذ أمد وتُلاحقها في كل محفل وتتم المحاصرة إمّا بخطاب مُشكّك أو مُنتقص أو مُتشفّ.
وللتحليل والتعمّق في اللغة الإقصائية علينا تفكيكها والوصول إلى أصلها حتى يسهُل القضاء. نعود إلى بدء تصدير الهُويّة المحليّة من الرياضة في بدايات الثمانينيات الميلادية التي ترافقت مع سياسة عالية في التأثير السعودي عبر الثقافة والفنون ووصولنا إلى مراحل متقدّمة في الربط الوطني بالمُنجز من خلال منتخب كُرة القدم الأوّل في آسيا وصعود الأمير سلطان بن سلمان إلى الفضاء وحصول فريق الناشئين الكُروي على كأس العالم ومعارض المملكة بين الأمس واليوم التي جابت العواصم ثم الصحافة السعودية من لندن إلى ظهور استاد الملك فهد الدولي في الرياض وميلاد “فوق هام السحب” و”مولد أمّة” بانطلاق المهرجان الوطني للتراث والثقافة. وقتها كانت المشاعر الوطنية غالبة وظاهرة والنجاح يتبعه نجاح. الآن نحن في عمل أضخم من العمل القديم لكنّه مُحمّل بخطاب المرحلة الفاصلة بين الحضور والغياب.. بين الانتصار والهزيمة. والتداعيات كانت مع مرحلة التسعينيات وسن قوانين الاحتراف وبروز فئات اجتماعية استحوذت على المشهد دون تقديره وحين حدث الإخفاق تم تحميلها الأسباب والتبعات فسيطر صوت التنمّر والتقليل والاستخفاف من قبل جماعة من المجتمع ما لبث أن تحوّل إلى شبه وضع عام. اليوم، كيف الخلاص؟
أظنّ أن الأمر الوحيد الذي يجب علينا فعله وعلى نحوٍ دؤوب هو الحصول على مُنجز في كرة القدم بالذات ثم نكون على نهم واسع في بقية الرياضات ثم الالتفات إلى طرد لغة التفخيم الخالي زمنها من شيء والتأسيس لشعور الرضا الحقيقي لا إلى كلام الإرضاء. إننا شعب كبير في مساحة هائلة ولسنا مُجرّد سكان مُدن كما أننا ذقنا الفرح ورقصنا في ليالي الفوز وتعرّفنا على بعضنا البعض وانتهينا من ذلك ولم نعد في حال اكتشاف. إن التشكيك والتشفّي وتصغير الذات كانت بسبب مرحلة وليست بسبب أشخاص والمشكلة تكمن من الفراغ لا من اللسان الساخط وحين نرتفع جميعنا نحو الامتلاء لن نرى شيئًا سوى المجد.