مش حسألك
عن السياسة؟
في برنامج “سؤال مباشر”، الذي تبثه قناة “العربية”، اضطر مقدمه خالد مدخلي إلى تغيير نوعية الأسئلة بعد تهديد ضيفه الداعية الإسلامي عمرو خالد بمغادرة كرسي الحلقة، وقد نفَّذ ذلك بالفعل قبل أن يعود من جديد بشروطه، وبعد أن قال له مدخلي بلهجة الضيف: “طيب مش حسألك عن السياسة بس خليك”.
مع الأسف، الكثير من ضيوف البرامج التلفزيونية يشترطون قبل ظهورهم معرفة الأسئلة، وتحديد نوعيتها واتجاهاتها، فكل همِّه أن يظهر على المشاهدين والمشاهِدات بصورة البطل، ومن المؤكد أنه سيكون كذلك كونه تدخَّل في الإعداد والتقديم، ومن الممكن أيضًا أن يصل الأمر إلى الإخراج.
وفي حال خرج مقدم البرنامج عن النسق الذي وضعه الضيف “المعد”، يضع يدهُ على الفور على الميكروفون، ويهدد بمغادرة الحلقة، وهنا تبدأ المفاوضات بين الطرفين على الهواء مباشرةً حتى يعود، وكأنك تشاهد أحد برامج “المقالب التلفزيونية”!
خالد مدخلي في برنامجه “سؤال مباشر” جلست على كرسي ضيافته أسماء لامعة في مجالاتها، ووجَّه لهم أسئلةً “ساخنة”، وعلى الرغم من ذلك استمروا في الحلقة، وردوا على التساؤلات كونها لم تتخطَّ حدود المنطق والأدب. وما زلت أذكر استضافته الدكتور عبد الرحمن السند، الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في السعودية، وكيف وجَّه له أسئلةً “نارية”، استقبلها بصدر رحب، وأجاب عنها بكل أريحية، وبعيدًا عن التشنج، أو التهديد بمغادرة الحلقة، فخرجت حلقةً “تاريخية”، ردَّ من خلالها على علامات استفهام مبعثرة منذ سنوات طويلة.
عمرو خالد لم يتحمَّل ذلك النوع من الأسئلة، وأراد أن يجعل اللقاء يمشي على رغباته، ليتحدث عن الإحسان ونحوه، وكأنه يخطب في جمع، وليس موجودًا في لقاء تلفزيوني الهدف منه الإجابة عن تساؤلات عدة، تحيط به وبطرحه في السنوات الماضية وشخصيته ونحوها، فكانت أسئلةً مباشرة بالفعل، هرب منها بالمغادرة قبل أن يعود من جديد.
كنت أتمنى من العزيز خالد مدخلي أن يجعله يغادر البرنامج بعد أن رفض الإجابة عن الأسئلة “الواقعية” التي طرحها عليه، وألَّا يعيده من جديد، وأن يقول له جملة “باب البرنامج يوسع جمل”. فهنا ستبقى الصورة الذهنية لدى مَن هم خلف الشاشة أن عمرو خالد غادر البرنامج كونه رفض الإجابة عن الأسئلة، علمًا أن أسئلة خالد مدخلي لم تتخطَّ الحدود المسموح بها، وكانت منطقية، ويرددها الكثير عن الداعية الإسلامي.
لصنَّاع البرامج.. لا ترضخوا لمطالب الضيوف في تحديد نوعية الأسئلة، أو تهابوا من تهديدهم بالرحيل من الكرسي، وكلما كنتم أقوياء في مهنتكم، زاد احترامهم لكم.