2021-09-25 | 20:22 مقالات

تأمينات بالخلطة السعودية

مشاركة الخبر      

تقوم فكرة التأمينات الاجتماعية منذ ظهورها في ألمانيا خلال الأربعينيات على الحد من نسبة المعوزين والفقراء، وتخفيف العبء عن موازنة الدولة باستيعاب أكبر عدد من المواطنين في برامجها لتوفير تقاعد يكفل حياة كريمة للعاجز والمسن واليتيم.
وعند المقارنة بين تطبيق النظام في العالم وطريقة تنفيذه في السعودية، تتضح الأخطاء التي قادت بعض مسؤولي المؤسسة للحديث عن العجز المتوقع في تمويل رواتب المتقاعدين مستقبلًا، خاصة أن لوائحها التنفيذية ترسّخ الاعتماد على الدعم الحكومي لسد العجز في المصروفات، وتعطي القائمين عليها شعورًا بالاسترخاء.!
ولا غرابة أن تعلن مؤسسة التأمينات مخاوفها من العجز مستقبلًا، لأن إهمالها في تحصيل الاشتراكات المتأخرة لدى العمال وأصحاب العمل، خاصة أصحاب المرتبات العالية في الشركات الكبرى، من شأنه تراجع عائداتها والتأثير على مركزها المالي، علمًا أن نظام التأمينات يعتبر مبالغ الاشتراكات وغرامات التأخير المترتبة عليها، حقًا مضمونًا للمؤسسة لا يسقط بمرور الزمن، ومع هذا أصبح دور التأمينات حاليًا يقف عند فرض غرامة مالية محدودة، لا تمثل جزءًا يسيرًا من الاشتراكات التي تركتها المؤسسة هدية للمخالفين بسبب تعطيلها تنفيذ النظام، ما يلحق الضرر ببقية المشتركين الذين التزموا بدفع أقساط التأمين كاملة.
ومن الأخطاء التي تهدد نجاح مؤسسة التأمينات، وتحد من إقبال الشركات العالمية على الاستثمار في السعودية، أن نظام العمل يكاد الوحيد في العالم الذي يمنح العامل الخاضع لنظام التأمينات، حق الجمع بين مكافأة نهاية الخدمة والراتب التقاعدي، وربما هذا يفسر ارتفاع نسبة الاستقطاع من راتب المشترك إلى 9 بالمئة، قياسًا على دول الخليج التي لا تتجاوز نسبة الخصم في بعضها نسبة 5 بالمئة من راتب الموظف مقابل عدم الحق في مكافأة نهاية الخدمة، وهذا إجراء لا يمكن لنظام التأمينات أن يستمر بدونه، إلا أن تتكفل الدولة بسد العجز الكبير سنويًا على طريقة الضمان الاجتماعي، وهذا يكفي لنسف فكرة التأمينات والهدف من تطبيق نظامها.
وكانت الكويت التي تعاني عجزًا يهدد مستقبل مؤسستها التأمينية قامت قبل نحو ثلاث سنوات بإجراء إصلاحات مهمة تمثلت بتطبيق النظام العالمي من خلال إلغاء الجمع بين الاشتراك والحصول على مكافأة نهاية الخدمة، فضلًا عن إقرار نظام المعاش التكميلي الذي يمنح أصحاب المرتبات العالية حق الاشتراك بما يزيد عن نسبة الاستقطاع المقررة، واستيعاب كثير من المواطنين الذين كانوا يدفعون ملايين الدولارات سنويًا للشركات العالمية المختصة بتوفير خدمة المعاش التقاعدي.