الأجانب السبعة والانتقاد
نواجه في مجتمعنا أشخاصًا لا يعرفون قول كلمة “لا أعرف” على الرغم من أن مَن ذكرها فقد أفتى، لكنهم مستمرون في الفتوى في كافة الأمور حتى لو لم يكونوا مختصين فيه، أو على الأقل لديهم الإلمام به..
مجتمع كرة القدم السعودية أحد أنسجة مجتمعنا، ويخرج فيه كثير من النقاد الكارهين لكلمة “لا أعرف”، فيفتون في أي موضوع للمشاركة فقط، وتسجيل موقف..
عندما صدر قرار مشاركة سبعة لاعبين أجانب في الدوري السعودي، خرج كثيرٌ منهم يحملون “سوطهم” ليجلدوا القرار مستبصرين المستقبل بأنه سيضر المنتخب السعودي، وسيخفِّض من مستوى اللاعب المحلي، وسيضعف الفرق، “واو العطف” في ملخص انتقادهم، والغالبية منهم لم يتعمَّق في بحور القرار، أو الفائدة منه، فاهتموا بالقشور..
في “الكالتشيو” فُتح الباب على أوسعه أمام اللاعبين الأجانب، فلم يضعف الآزوري، بل حقق ألقابًا عالمية، والإسبان على الخطى ذاتها، وألمانيا وفرنسا وغيرهما من المنتخبات التي استمدَّت قواها من لاعبيها المحليين، الذين استفادوا من وجود أسماء عالمية في دورياتهم.
برشلونة في زمن “الساحر” بيب جوارديولا حقق كل شيء، فبحث الإسبان عن طريقة لتجنيس ميسي ليقودهم في الكأس الأقوى، إلا أن النظام لم يسمح وقتها، لكنَّ اللاعبين المحليين ممن لعبوا إلى جانب الأسطورة الأرجنتينية وغيره من اللاعبين الأجانب في الأندية الأخرى، ترجموا تلك الفائدة بالحصول على كأس العالم للمرة الأولى عام..
بعد مضي أربعة أعوام على تطبيق قرار الأجانب السبعة في الدوري السعودي، جاء الرد ميدانيًّا على المنتقدين، وبالمنطق وليس كلامًا في الهواء، فخرج لنا منتخب قوي، تصدَّر مجموعته في طريقه إلى مونديال 2022، وحقق أرقامًا لم يسبق أن نالها، وارتفع المستوى الفني للاعبين المحليين. أعجبني ما كتب الزميل العزيز سطام الثقيل: “التطور الكبير في مستوى اللاعب السعودي، الذي بدأنا نلحظه أخيرًا خلفه دعم بلا حدود من القيادة. بدأنا نجني ثمرة فكرة السبعة أجانب.. واستقطاب لاعبين كبار أجانب إلى الدوري السعودي. هو بكل بساطة يتمحور حول استراتيجية: إن لم يستطع لاعبونا الاحتراف في الخارج نجيب لهم الاحتراف في الداخل”.
القرارات المهمة عندما تصدر، تكون خلفها دراسات، والاستفادة من تجارب وخبرات طويلة، والاستعانة بمختصين لتحقيق الفائدة المرجوة، فلا يُنسف كل ذلك في انتقاد إعلامي، يريد أن يسجل حضورًا فقط، وهو لا يعرف أبعاده، وسرعان ما يعود إلى مدحه بعد مرور سنوات عليه، ناسيًا أنه أول مَن انتقده..
ختامًا.. قرار اللاعبين الأجانب السبعة في دورينا حقق مكاسب كبرى على كافة الأصعدة، ورفع مستوى المنافسة، وأخفى زمن شرب الشاي، و”الرجل على الرجل” لمشجعي الأندية الكبرى لتأكدهم من الفوز على الأندية المتوسطة والأقل منها، وقبل ذلك الأخضر والمستوى الكبير الذي بلغه.. فشكرًا لكل مَن وقف خلف صدور هذا القرار.. وقبل ذلك الدعم اللامحدود الذي تلقاه رياضتنا عمومًا من قِبل الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، ولي العهد.