ديربي كورونا.. الكرة في ملعبنا
مرَّ أكثر من 18 شهرًا على تطبيق الإجراءات الاحترازية والتشديد عليها لمواجهة فيروس كورونا المستجد في السعودية، وهو الوباء الذي بات عمره القصير يعمّر في تاريخ البشرية، فقد وحَّد الشعوب في حربها الضروس ضد العدو الخفي والمخيف، ونحمده سبحانه وتعالى على نعمة المملكة العربية السعودية وقيادتها الحكيمة التي جعلت صحة الإنسان أولًا، وضربت الجائحة بكل قوة وزعزعت استقرارها..
بالأمس تمَّ رسميًّا تطبيق قرار تخفيف الإجراءات الاحترازية، لكنَّ بعضهم تناقل الخبر وكأن الوباء أعلن اعتزاله رسميًّا، وندرك رغبة الجميع في عودة الحياة إلى طبيعتها، لكن على ألَّا يكون ذلك من خلال سلب حياة آخرين، فلا يزال كورونا يخوض الـ “ديربي” في كل مدينة مع قاطنيها في كافة الدول، والحكم لم يطلق صافرة النهاية بعد..
التنافس الكبير مع “كوفيد” وعائلته قدَّم لنا دروسًا لا تحصى، ولو التحق الجميع بأعتى الجامعات، واصطفوا أمام أكثر المحاضرين علمًا وخبرةً، لن يكون وقع نتاجهم كما فعلت الجائحة في أقل من عامين، ومنحت مَن استفاد منها شهادةً تخرج في الإجراءات الاحترازية والتدابير الوقائية والسلوك المجتمعي.
بالعودة إلى قرار تخفيف الإجراءات الاحترازية، استمعت إلى الزميل العزيز سيف السويلم، المتحدث الرسمي باسم وزارة الشؤون البلدية والقروية والإسكان. ومَن يسعدني متابعته، يعلو في سلم النجاح الذي بدأه متدربًا في صحيفة الحياة، وشهدت انطلاقته يومها. قال معلِّقًا بشكل وافٍ على القرار: “لابد من مراعاة الالتزام بالضوابط والبروتوكولات الصحية التي أقرَّتها الصحة العامة، من أبرزها التحصين بجرعتي لقاح، وارتداء الكمامة، والتعقيم المستمر، والتهوية الجديدة، والتأكد من التزام الحضور بالاشتراطات والبروتوكولات الصحية”.
في الأيام المقبلة، أتمنى ألَّا نهجر الإجراءات الاحترازية، فالقرار جاء بالتخفيف، ومن المهم أن يطلع عليه الجميع، فهناك المرضى وكبار السن وغيرهم ممن يحتاجون إلى الرعاية وتجنيبهم خطر الإصابة.. وكل شخص يستطيع أن يحمي نفسه ومَن حوله، فالكرة في ملعبنا الآن، ومفهوم الاحترازات لا يكون من كورونا فقط، بل ومن كافة عائلته وأقاربه، وأكاد أجزم بأنه لو أحصي عدد الإصابات بالإنفلونزا، المتعارف عليها في زمن كورونا، قد نجدها سجلت أرقامًا منخفضة بسبب وعي المجتمع بالالتزام بالتدابير الوقائية..
استوقفني كثيرًا ما قاله الدكتور محمد العبد العالي، المتحدث باسم وزارة الصحة، أمس، فأوضح أن “المرحلة المقبلة، وبعد تخفيف الإجراءات الاحترازية، تتطلب التركيز على أمرين أساسيين، هما وعي المجتمع، ومسؤولية الجهات والمواقع ومنظِّمي الأنشطة، وأهمية مواصلة الالتزام بالتدابير الوقائية في الأماكن المخصَّصة، فالجائحة حول العالم لا تزال قائمة”.
لذا، لنعش حياتنا، وننعم بكل الوسائل المتاحة التي تسعدنا، لكن لنحمِها من كافة الأوبئة والأمراض المعدية بالإجراءات الاحترازية.. فالجميع أصبح خبيرًا في ذلك.