موسم الرياض..
«دهننا في مكبتنا»
عندما يتم تناول الترفيه والسياحة في وسائل الإعلام، لا يُصنَّفان ضمن دهاليز السياسة، أو ركلات الرياضة، أو شؤون المجتمع، أو صناديد الثقافة، فأقرب الأبواب الإعلامية في الصحف والتلفاز والمواقع الإلكترونية التي تستقبلهما الاقتصادُ والمال..
بقاء الترفيه في حضن الاقتصاد ليس من أجل الربط فقط، بل لكونه مجالًا يدرُّ أموالًا، ويشكِّل رقمًا صعبًا في موازنات الدول التي تضخ المليارات لجذب الزوَّار مدركةً أن ما تدفعه سيعود عليها أضعافًا في خزائنها..
في بلدنا، أُهمِلَ هذا المجال الخصب سنوات طويلة، ولم يشكِّل حينها أي عائد على موازنة الدولة، إذ لم تكن هناك فعاليات ترفيهية جاذبة، أو حتى اهتمام بالقطاعين الترفيهي والسياحي، ناهيك عمَّا يدفعه السعوديون في أسفارهم الخارجية السياحية. وفي كل عام نسمع عن المليارات من الريالات التي تحوَّلت إلى دولارات ويوروهات وجنيهات، وصُرِفَت في الخارج، الذي أضحى الترفيه الأساسي لكثير من السعوديين، وفي كل عام كانت نسبة المسافرين السعوديين ترتفع، وترتفع معها عوائد الدول من هذا القطاع، الذي نسهم فيه بشكل غير مباشر..
في السنوات الأخيرة أولت القيادة الرشيدة اهتمامًا كبيرًا بقطاع الترفيه إيمانًا منها بأهمية تنويع مصادر الدخل، والاعتماد على القطاعات غير النفطية، لتصبح رافدًا مهمًّا في موازنة الدولة، وهو ما تحقق على أرض الواقع فعليًّا، فالمتتبِّع لموازنة الدولة يشاهد دخول الترفيه وقطاعات أخرى غير نفطية في الناتج المحلي..
وموسم الرياض خير مثال على أن هذا القطاع الحيوي يشكِّل ركنًا مهمًّا في إيرادات الدول، فقد أُعلِنَ أخيرًا أن الموسم سجل عوائد مالية في عشرة أيام فقط قاربت 550 مليون ريال، وبلغ عدد الزوَّار نحو مليون زائر، وهنا يكون الهدف من الفعاليات صحيحًا، ولا يحتاج إلى العودة إلى تقنية الـ “var”..
وعلى الرغم من ذلك، إلا أن بعض المواطنين يرون أنه لابد من فتح الفعاليات مجانًا، مع أنهم عندما يسافرون إلى الخارج يصرفون ما ادخروه في الأشهر التي تسبق سفرهم وهم يبتسمون!
ما يصرفه المواطنون في سفرهم إلى الخارج يفوق بمراحل ما يدفعونه في وطنهم، ما بين سكن وتذاكر سفر، وأكل ونحوه، ناهيك عن أن أسعار الفعاليات هناك أكثر كلفة..
وهنا لا أدافع عن الترفيه، أو أهاجم مَن يطالبون بالمجانية، لكنها الحقيقة التي يجب أن يدركها الجميع بأن الترفيه مرتبط بالاقتصاد، وما ندفعه في وطننا يعود بالمنفعة علينا في مجالات عدة، لذا علينا أن نحمد الله سبحانه وتعالى على نعمة الأمن والأمان والتنعُّم بالترفيه بين أهلنا وعلى أرض وطننا الغالي، ونُسعد بمشاهدة كثير من الأجانب من دول عدة يزورون بلادنا، ويشيدون بما يشاهدونه من فعاليات ذات جودة عالية.. وكما يقول أسلافنا: “دهننا في مكبتنا”.