2021-11-09 | 20:20 مقالات

بقالة طاش ومطعم درب الزلق

مشاركة الخبر      

في إحدى محافظات مدينة الرياض، ووسط حيّها الهادئ الذي لا يعرف السهر والصخب، تضيء من بعيد “لمبة نيون” مستترة خلف لوحة إعلانية فوق محل صغير تعمل بنصف طاقتها، وعلى مساحة لا تتخطى المتر المربع الواحد كتب عليها “بقالة طاش”.
يجذبك الاسم فتقترب منها لعلك تجد شيئًا من رائحة المسلسل السعودي الأكثر شهرة “طاش ما طاش”، فتبحث عن صور لعبد الله السدحان أو ناصر القصبي، أو نظارات “هزار” المقعرة، أو “الجمس الأزرق” لكنك تخرج بعصير معلب وبسكوت مالح فقط.
يلجأ الكثير من أصحاب المحلات إلى أسماء لها شهرة واسعة سعيًا إلى الترويج عن المنتجات التي لا يكون لها علاقة بالاسم مطلقًا، فلا أعرف ما علاقة شعار واسم قناة العربية بمحل خياطة ثياب رجالية؟! هل من يلبس الثوب سيخرج على الهواء في نشرة الرابعة؟ أو سيكون فاصلًا إعلانيًا في القناة؟
لا يقتصر الأمر على المسلسل الشهير أو القناة العريقة، بل الشوارع والطرق امتلأت بمحلات سارت على هذا النهج ممن يكتسب شهرة على حساب اسم “مهمل تجاريًا”، وحتى ملاحقة الجهات ذات العلاقة لا تفيد إذا كان صاحب المحل قد يتحايل على الاسم بحذف نقطة من فوق حرف أو إضافة أخرى تحته.
زرت مطعم “درب الزلق” في بوليفارد رياض سيتي، لم أكن أبحث عن “المجبوس” أو “محروق صبعه”، لكن وجدت فيه ما يشبع عينك أولًا، “دباب حسينوه” مركون في الزاوية، نصوص المسلسلات التي مثلها النجم الكبير حسين عبد الرضا كما هي، سيارته الخاصة التي تعرض فيها إلى محاولة اغتيال أمام المطعم، مصطلحات الأكلات التي وردت في المسلسل الأشهر خليجيًا والصامد أمام مغريات الشاشات المحافظ على مكانته، محفوظة في علب. أحلام “حسينوه” وشقيقه سعد بعد حصولهما على مبلغ التثمين في المسلسل حققها المطعم في الواقع بعد 30 عامًا.
الفكرة عظيمة، وعائدها المعنوي يسبق المالي، وعند البحث عرفت أن هناك شركة يديرها ابن الراحل اللواء بشار وأحفاده مختصة بهذا المشروع الذي دشن في الكويت قبل سنوات عدة.
مثل تلك الأفكار نقف أمامها احترامًا ونعتز بها، لكن في الوقت ذاته تجعلنا نقارن ونتساءل.. لماذا لم يعمل مطعمًا أو مقهى لطاش على غرار “درب الزلق”؟.. فالمسلسل السعودي الذي استمر أكثر من 20 عامًا لا يزال محفورًا في ذاكرة السعوديين والخليجيين، وحتى زعيم الكوميديا عادل أمام عندما سئل في أواخر التسعينيات الميلادية عن من يعجبه من الممثلين الخليجيين رد بقوله: “الولاد عبد الله وناصر عاملين شغل كويس”.
إذا لم يعد النجمان الكبيران إلى الشاشة من جديد فلتكن على الأقل عودة لتاريخهما وإرثهما من خلال عرضه في مطعم أو ما شابه. الشخصيات والصور والأدوات والسيارات أكثرها متوفر ولا يزال أبطال العمل على قيد الحياة، وتكون لهم زيارات بشخصياتهم التي اشتهروا بها في المسلسل، فإذا كان درب الزلق قدم 15 حلقة واستثمرت إلى يومنا هذا، فإن طاش عرض أكثر من 450 حلقة، لكنها ظلت حبيسة الشاشات ولم تحوّل إلى منتج.
لذا، أتمنى من المستشار تركي آل الشيخ، رئيس الهيئة العامة للترفيه، ومن يقف على كل صغيرة وكبيرة في موسم الرياض، أن نشاهد مستقبلًا “مطعم طاش” في إحدى الفعاليات المستدامة، فالزوار يعشقون التاريخ المرتبط بالحاضر وتشكيله في صورة جميلة.