غنائم الحرب.. «موزة»
لغة المقارنات لا تحتاج إلى مترجم لفهمها أو الالتحاق بدورات تدريبية من أجل تعلمها ولكن يكفي الاستماع إلى ما يلوح في أفق المجالس أو وسائل التواصل الاجتماعي لتكون متقنًا لها وهي اليسيرة في التعليم والصعبة في الخلاص منها..
تلك اللغة يتحدث بها الكثير منّا وفرضت أنظمة وقوانين لا مرجع لها، وأخفت جمالية النجاح أو الإنجاز تحت وطأة المقارنة وربطها بها، رغم أن القمة لم ترسم حادة بل مسطحة وتستقبل كل مبدع ومتألق في مجاله دون الزج به في مقارنات تسقطه قبل أن يصل..
في موسم الرياض، مقاطع فيديو متداولة وصور لشباب يعبرون عن فرحهم ممسكين بدمية “الموزة العملاقة” بعد فوزهم بها في ألعاب التحديات وباتت تلك الموزة “لزمة” في الموسم، ويدخل الشباب والبنات في معارك التحدي أمام المسابقات الترفيهية للفوز بها..
ووسط البهجة الكبرى التي تملأ هؤلاء يخرج عليهم شخص يجيد لغة المقارنة فيرمي بصورة لرجل في زمن قديم ممسكًا بجانبه بسلاح في معركة، ويضعها بجانب الشاب ومعه الموزة العملاقة ليدخلهما في مقارنة منتقدًا فرحة الشاب، ومهللًا للصورة القديمة..
هذا الشخص وغيره ممن يرمون على الشباب من الجيل الحالي بقذائف النقد اللاذع كونهم فرحوا بدمية فازوا بها أو مشاركتهم في فعالية ترفيهية لا يعرفون معنى الترفيه الحقيقي الذي حرموا أنفسهم منه في زمنهم ويستكثرون مشاهدة البهجة تسكن نفوس هذا الجيل..
قد لا يدرك الشخص المنتقد أن الشاب الذي انتقده بسبب “الموزة العملاقة” أو دمية “الدب” أو غيرها ناجح في دراسته أو عمله وينتظره مستقبل كبير ويملأه الطموح ولا يتمكن منه كأس لبن بعد الخروج من الدوام وليس عاشقًا للعمل المكتبي “الروتيني” لكنه ظهر في هذه الصورة معبرًا عن لحظات فرحة في محلها وتجده في عمله منضبطًا وملتزمًا ومنجزًا وإلا لما شاهدنا هذا التطور الكبير في موسم الرياض وغيره من المشاريع العملاقة التي بنيب بسواعد شبابنا..
الجيل الحالي من شبابنا يجب ألا يقحم في مقارنات مع سابقه في أي مجال فلكل زمن طبيعته وخصائصه ومتغيراته التي يتكيف معها معاصروه، ففي كل جيل هناك ناجحون وفاشلون ومحبطون ومحفزون وتختلف مسارات البشر فيه وذهب كل لما كسبت يداه..
لو رجع الزمن إلى الوراء وكان الترفيه حاضرًا، لأمسك الرجل البندقية في الحرب وبالدمية في الفرح وكذلك في الجيل الحالي الأمر ذاته يتكرر ولا علاقة له بالمقارنة مطلقًا.. فلكل مقام مقال.