«بمثل
أو بخرّب»
شيء من الربط يجمع كرة القدم والتمثيل الدرامي، ليس مرصوصًا في رفوف المكتبات أو منصوصًا في لوائح وأنظمة، لكنه رابط “وهمي” ومتعارف عليه، فكلمة تمثيل عند أهل كرة القدم دارجة.
تحوَّل كثيرٌ من اللاعبين في وقت مضى إلى ممثلين داخل الملعب، لكن ليس هناك قصة تلزمهم، أو حوارٌ يسيرون عليه، أو “مايكروفون” مخرج يصرخ عليهم، فما إن يتقمصوا دور الممثل داخل الملعب حتى تصطادهم صافرة حكم المباراة، فيعاقبون، أو ينجحون في شخصية الممثل، ويحصلون على مرادهم بمعاقبة الخصم.
الاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا” وضع قبل سنوات عدة حدًّا لهؤلاء اللاعبين الممثلين بمنحهم بطاقات صفراء في حال “مثَّلوا” بأنهم تعرضوا للضرب، أو ما شابه، وهم أبعد ما يكون عن ذلك، فخفَّت كثيرًا ظاهرة التمثيل بين اللاعبين في كرة القدم، لكنها لم تختفِ عند بعض الممثلين الحقيقيين في عالم الدراما المحلية، مع اختلاف المقاصد.
مسرحية “بخصوص بعض الناس” التي كتبها خلف الحربي، وقام بدور البطولة فيها ناصر القصبي، وحبيب الحبيب، وإلهام علي، وماجد مطرب فواز وغيرهم، قبل أن يضع نجومها أقدامهم على خشبة مسرح بكر الشدي في منطقة بوليفارد رياض سيتي، وقبل أن يعلّق “أفيش” المسرحية على الحائط، وجَّه بعض الممثلين والنقاد قذائف على العمل، وأصدروا أحكامهم بالفشل عليه على الرغم من أنه لم يبدأ.
بلغة الأرقام، وحسبما نقلته “الرياضية”، حققت المسرحية أرقامًا قياسية في موسم الرياض بعدد العروض، ونسبة الحضور والتفاعل. استثمرت وقت الإجازة باستبدال كرسي العمل بالمسرح، وشاهدت العرض، فوجدته عملًا احترافيًّا فيما يخصُّ الديكور، والعروض المصاحبة، وأداء الممثلين، وتنوُّع المسرحية في ثلاثة فصول منفصلة. نعم هناك فصل أفضل من الآخر، وأعجبني الفصل الثاني كثيرًا، لكنني أختلف مع صنَّاع المسرحية في أجزاء معينة في العرض، لكن مجملًا المسرحية جميلة، وتبقى وجهة نظر خاصة.
عندما تتتبَّع سبب انتقاد الأعمال من قبل بعض المنتسبين إلى التمثيل، تجده محفوفًا بالمصالح الشخصية ومبنيًا على الأهواء بسبب تجاهله في العمل، ويذكِّرني ذلك بلاعب “الحواري” صاحب الموهبة الأقل، والأقوى بنية في السابق، الذي يهدِّد الفريق بعبارة “بلعب أو بخرّب”.
لست هنا أتحدث عن مسرحية القصبي بعينها، بل بشكل عام. الانتقاد إذا افتقد إحدى أهم ركائزه وهو تجريد النفس من الغرائز، لن يكون منصفًا، والناقدون سينقلب عليهم نقدهم فيما بعد عندما يرى المتلقون الحقيقة كاملة.
لمعشر المنتقدين من الممثلين والنقاد، أقول: النقد أمانة فلا تجعلوه سلاحًا لتحقيق مصالحكم الشخصية، ولا تمثلوا على المتلقين بطرح آراء استباقية، فكيف يستقيم نقد عمل أساسًا لم تفتح ستارته؟! وليس هناك رادع كما فعل “فيفا” مع تمثيل اللاعبين، لكن يبقى الضمير الحل الأخير.