الأستاذ والمجنون!
- صنع هذا الفيلم يومي وأعشَب بي. فيلم “الأستاذ والمجنون” للمخرج الإيراني “فرهاد سافينيا”. بطولة: ميل جيبسون، وشون بن، وناتالي دورمر. الأسماء سماء!. اجتماعها يعني أنها غيَّمَتْ وستُمطِر، وقد كان!.
- قصّة مشوِّقة لعشّاق الكتب، ومُحَبّي تتبّع الكلمات. للقرّاء والكتّاب والمُولعين بالفن السينمائي وعشّاق الحب والحريّة والحياة، المستعدين دائمًا للصبر والتعلّم والبحث والغفران!.
- كل ما في الفيلم مُذهِل ومُلهِم: القصّة، السيناريو.. الحبكة.. التقطيع والتنقيط!، التصوير، الإضاءة التي هي موسيقى، والموسيقى التي هي إضاءة!، الإخراج.. الإخراج.. الإخراج، والتمثيل.. التمثيل.. التمثيل!..، كل شيء.. كل شيء بمعنى الكلمة!.
يا للأدوار كيف وُزِّعَتْ وكيف سكن كلّ ممثل دوره ليفتح لنا طرقًا وآفاقًا!.
- ماذا عن الحوار؟! خذ عندك:
السّجين المجنون “ويليام ماينور” لزائرته، في محاولة لتعليمها القراءة: أستطيع تعليمكِ!.
السّيّدة “ميريت”: هذا هو واقعي.
هو: أرجوكِ دعيني أعلّمكِ. يُمكنكِ تعليم أولادكِ. إنّها حُريّة يا سيّدة “ميريت”. أستطيع الطّيران من هذا المكان على ظهور الكُتُب!. لقد وصلتُ إلى نهاية العالَم على أجنحة الكلمات!.
هي: لا أستطيع.
هو: عندما أقرأ، لا أحد يُلاحقني!. عندما أقرأ أكونُ أنا من يُطَارِد!،..، أرجوكِ.. أتوسَّل إليكِ، انضمِّي إلى المُطَارَدَة!.
- ثمّ وهو يلتقي زائره الآخَر الأستاذ “جيمس موري”، شريك العمل الأدبيّ الجبّار، والذي رأى في زنزانة صديقه لوحة غائمة للسيّدة “ميريت” رسمها المجنون في سجنه:
الزائر: من هي؟
السّجين: المستحيل!.
الزائر: كلّما كان الحُبّ مستحيلًا، كان أعظم!.
السّجين: هل تظنّ هذا حقًّا؟… قلبي مريض جدًّا.
الزائر: حسنًا. أعرف أنّه في الحُبّ غالبًا ما يُصبِح المَرَض هو العلاج!.
- في المشهد الذي يليه مباشرةً، تظهر السيّدة “ميريت” وهي تتتلمذ على يديّ قاتل زوجها!، السّجين المجنون: أنتِ تتعلّمين بسرعة هائلة. الدّماغ أوسع من السّماء إنْ وضعناهما واحدًا قُرْب الآخَر!. أحدهما سيتضمّن الآخَر بسهولة!.
- يُقدّم لنا المخرج الإيراني “فرهاد سافينيا” في فيلم “الأستاذ والمجنون” لغة سينمائيّة تكشف عن أصالتها في كل مشهد. يفعل ذلك بأسلوب أدبي رفيع، سيّال في لغة سينمائيّة تُضيء من الدّاخل!.
أعظم وأجمل وأطيب ما في الفنّ هو أنّه يُقدِّم لنا الآخرين لنستدلّ علينا!. على شيء فينا. شيء خفيّ وبسيط، لكننا بحاجة لمساعدة الفنّ للوصول إليه!. من الفيلم: “أحيانًا عندما ندفعُ النّاس بعيدًا عنّا، نكونُ في أمَسّ الحاجة لأنْ يُقاوِمونا”!.
- ومن كتاب “اللغة السينمائية” لـ “مارسيل مارتن”: “..، والحَقُّ أنّ الزّمن قوّة لا تُقاوَم ولا رجوع فيها، على الأقلّ الزّمن الموضوعي والعِلْمي. فلا عَوْدَة من الدّخان إلى النّار، ولا من الرّصاص إلى الرّاديوم. لكن الأمر يختلف بالنّسبة إلى الإنسان عندما يُسائل إدراكه الدّاخليّ، الذي تظلّ معلوماته المُبْهَمَة، المُتناقِضَة، غير قابلة لقياس مُشْتَرَك دقيق”!.