مرْكب ووردة!
ـ على هيئة إنسان، رأيتُ الفنّ. كان يطوي الأوراق ويقصقصها، ويصنع منها مراكب بأشرعة صغيرة للأولاد، وحين تكون لديه ألوان، وهي دائمًا لديه، كان يصنع من بعض الأوراق ورودًا، يلوّنها ويهديها للأطفال. وكانت بهجة الصّغار بالمراكب والورود تشعّ من عيونهم، ويصير لمرحهم طعم الحلوى!.
مرّةً، انتبه لوجودي ومراقبتي له وللصّغار وما يصنع ويُقدّم لهم. ولمّا انتبه لي، اقتربتُ منه أكثر، ثمّ أكثر، ولمّا صار بإمكاني سماع كلماته دون حاجة لرفع صوته، لأنّه فيما رأيت بدا لي لا يحب أو لا يقدر على رفع صوته، قال هامسًا، أو قريبًا من الهمس، دون أن يتوقّف عن الطّيّ والقصقصة والتّلوين: الفنّ لا يهديك مركبًا ولا وردة. إنه يهديك الحلم بهما!.
ـ وصّاني بالقراءة، قال: اقرأ، إنْ كانت لديك أسئلة فاقرأ لتتلقّى إجابات أسئلتك، وإنْ لم يكن لديك أسئلة فاقرأ أكثر، اقرأ بِنَهَم، لتمتلك أسئلة!. لا يوجد من هو أكثر فقْرًا من إنسان ليس لديه أسئلة!.
ـ الفرق بين الاستثنائي والعادي.. بين المبدع والمقلِّد.. بين الناجح والفاشل.. بين المتفوّق والمُخفِق، هو أنّ العادي والمقلِّد والفاشل والمُخفِق، وفي أفضل حالات كلّ واحد منهم، فإنّهم يضعون أحلامهم بحسب مقاسات قدراتهم!. بينما الاستثنائي والمبدع والناجح والمتفوّق، فإنّ كل واحدٍ من هؤلاء يضع قدراته بحسب مقاسات أحلامه!.
ـ هناك أُناس لا يريدون الحريّة!. زمن العبوديّة بالنسّبة إليهم ما يزال حاضرًا، وهو بالفعل باقٍ على مستوى التفكير على الأقلّ!. وهذه النّوعية من النّاس متمسّكة بعبوديّة التّفكير!. هي، وإنْ أنكرت حتى على نفسها، فإنّه ما مِنْ شيء يخيفها ويرعبها أكثر من أن تخيّل عقولها حرَّة طليقة!. كم يُشبهون شخصيّة العبد”فوفيلو” في رواية “حاجي مراد” لتولستوي: “وفكَّر فوفيلو: لقد وَعَدَنِي أنْ يعتقني لدى عودتنا من القوقاز، ولكن أين أذهب مع حرّيتي؟”!.
ـ لا حاجة لأنْ تُغضِبَ شخصًا لتعرفه. صحيح أنّها وسيلة للمعرفة، لكنها وسيلة مُلطّخة بوَحْل!. هناك وسيلة أطيب ومن شأنها الوصول بك إلى نفس النّتيجة: بالغ في مدحه!. وانظر بعدها في عينيه، تعرف شأنه: إنْ استخفّه الطَّرب فهو أحمق متغطرس، فيه كِبْر ولُؤم!. وإنْ ارتبك حياءً فلا يجتمع في إنسان حياءٌ ولؤم!. وهو سمح متواضع فيّاض!.