2022-02-23 | 23:35 مقالات

حكايتي مع صوت ماجدة الرّومي!

مشاركة الخبر      

ـ كنتُ أدري “عقليًّا” أنّ في صوت “ماجدة الرّومي” طاقة هائلة، وأنّه صوت بديع. لكنّني “قلبيًّا” لم أقدر على استساغته!، وكان ذلك يحزّ في نفسي!.
ـ كنتُ أدري أنّ هناك زاوية “جماليّة” يُمكن الدّخول منها إلى أغنياتها، ولكنّني لم أقدر على الوصول إلى تلك الزّاوية!. حاولتُ كثيرًا ولم أفلح!.
ـ ربّما عليّ قول شيء فيما يخص تكرار تلك المحاولات، وقد كان معظمها يتمتّع بحماس وإصرار، حتّى مع يقيني شبه المؤكّد بالنّتيجة المُخيِّبَة!. لقد كانت “ماجدة الرّومي” جزءًا مهمًّا من أيام الصِّبَا وأوّل الشّباب، تلك الأيّام الزّاخرة بالحيويّة ونفاد الصّبر معًا!. هي بطلة فيلم “عودة الابن الضّال”. ويمكنني القول بأنّني شاركتُ بمشاعري كاملةً بطل الفيلم “هشام سليم” عشق تلك الفتاة الجميلة الصّلبة والحُرّة!. وفي كلّ مرّة أعيد فيها مشاهدة الفيلم كنتُ أحسد “هشام سليم” على مشهد لعب كُرَة تِنِس الطّاولة معها!.
ـ ربّما لا تزال لديّ بعض الحسرة على عدم دخولي الجامعة بسبب حُلمي الأثير بأنْ أكون هناك لألعب تِنِس طاولة مع فتاتي، والتي كانت ستكون سمراء وبعيون فاتنة الكُحل مثل “ماجدة الرّومي” في الفيلم!.
ـ وأتذكّر الآن أمرًا عجيبًا حدث لي في أحد مقاهي الرّياض قبل سنين طويلة: لم أكن يومها لعبتُ تِنِس طاولة ولا أكاد أعرف عنها شيئًا أكثر من استقرار ذلك المشهد السينمائي في وجداني ورغبتي بأن يكون لي في يوم من الأيّام ذات المشهد!. كان في مقهى “الشيشة” ذاك ثلاث طاولات تنس، وكانت هناك مسابقة وجائزة لمن يفوز من المشاركين. شاركت، دفعت خمسة ريالات وشاركت، والأمر العجيب أنني فزت!. لا تفسير عندي لما حدث غير أنّني كنتُ أتدرّب ذهنيًّا “خياليًّا” على اللّعبة طول الوقت!. ومَن يدري: ربّما صارت مشاهدة لعبة التِّنِس الأرضي فيما بعد من هواياتي المُفضَّلة التي تلي كُرَة القدم مباشرةً بسبب ذلك المشهد السّينمائي نفسه؟!.
ـ بالرّغم من ذلك، لم أقدر على استساغة صوت “ماجدة الرّومي” كل هذا العمر، وفي بعض ما كتبتُ كنتُ أنتقده بوصفه حادًّا وشَرِسًا، ومُهابًا!، وأقلّ سكينةً ممّا يسمح بالقرب منه والسّكن فيه!.
ـ قبل أيّام قليلة فقط، حُلَّت المُعضِلَة، وزالت العوائق!. وتعرّفتُ أخيرًا على الزّاوية الغامضة.. السِّرِّيَّة.. الغائبة والمجهولة!.
ـ حدث ذلك فجأة ودون ترصّد وجهد!. كنتُ، ببساطة، أمارس رياضة المشي قريبًا من البحر، وكانت الأجواء صاخبة قليلًا، ثم ازدادت صخبًا، وصار للبحر دويّ هادر يرمي به الرّمل على هيئة أمواج عاتية!. راقَ لي المنظر والمَسمَع، ورحتُ أقترب من الشاطئ أكثر، ثمّ انتبهت إلى وجود صخرة كبيرة يُحدِثُ ضرب الأمواج بها لَجَبًا: يا للجمال الرّاعب والمياه تتكسّر مرتَدَّةً إلى البحر تتخلّلها الأضواء وتتكسّر فيها!.
ـ انتشيتُ بما يصعب وصفه والوصول إلى مداه من ذلك المنظر، وشيئًا فشيئًا، دخل وجه “ماجدة الرّومي” في المشهد، يتبعه صوتها!. أتى من الذّاكرة، واختلط بالمشهد وتكسّرت أضواءه فيه، تَشَتَّتَ كلّ منهما في الآخر، واستجمعني!.
كانت تلك هي الزّاوية: صوت “ماجدة الرّومي” صاخب، عنيف، مثل أمواج عاتية، وفي هذا يكمن سرّه وجماله وأسطوريّته!. صوت لا يُناسب من يطمع برحلة صيد سمك هادئة وآمِنَة، صوتها صوت مُغامَرَة، جسورة، قليلة الحياء!. وأنتَ مُعرّض فيها لأهوال، حيث تظلّ في دائرة الخطر طول الوقت!.

ـ “قفلة”:
للوصول، الحظّ وحده لا يكفي، ولا الرّغبة وحدها كافية!. ولا العمل!. لا بدّ من اجتماعهم معًا
في لحظةٍ ما..،
في لحظةٍ.. ماء!.