أسْجِحْ..
أوْضِحْ..
أحْكِم..
حَقِّق!
ـ قال أبرويز لكاتبه: اعلم أنّ دعائم المقالات أربع، إنْ التُمِسَ لها خامسة لم تُوجَد، فإن نَقُصَتْ منها واحدة لم تتمّ، وهي: سؤالك الشيءَ، وسؤالك عن الشّيءِ، وأمرك بالشيءِ، وإخبارك عن الشيءِ، (والحكم على الشيء فرعٌ من الإخبار عنه.. “هذه من عندي”!..)، فإنْ طلبتَ فأسجح، وإنْ سألتَ فأوضِح، وأن أمرتَ فأحْكِم، وإن أخبرتَ فحقِّق!، (وإنْ أُخبِرتَ فتحقّق.. “وهذه من عندي.. جَدْعَنَة”!..)، واجمع الكثير ممّا تريد في القليل ممّا تقول!.
وممجوج عند العرب مُستهجنٌ أمر كل من بعّد المعنى القريب، ووعّر الطريق السهل، ولبّس المعنى بتوعّر اللفظ وقبيح البناء!.
ـ وقال إبراهيم الشيباني الكاتب: قد تكون الكلمة إذا كانت مُفردةً: حُوشيّةً بَشِعة، حتّى إذا وُضِعت في موضعها وقُرِنَتْ مع إخوتِها حَسُنَت!.
ـ فللكلمة أربعة مواضع، وأربع رُتَب: تُستحسن، أو تُستقبح، أو تكون للتّندّر والفكاهة والضّحك!، أو تبقى على حالها لا تدلّ إلا على ما وُجِدَتْ وصِيغَتْ لتدلّ عليه!.
ـ مثال على ذلك شطر شهير لمحمد بن لعبون يتغزل في حسناوات فيقول: “لفتة الغزلان وبطون السّلَقْ”!. فما إن وُضِعَتْ مفردة “السَّلَقْ” هنا في موضعها وقُورِنَتْ بإخوتها، حتى طابت واستُحسِنَتْ وتمنّت كل حسناء لو كان هذا وصفها!. ولكننا فيما لو وضعنا هذه المفردة في موضعٍ آخر كأنْ نَصِف بها أحدًا، فنقول فلان “سلوقي” لاستُقبِحَت من قِبَلِه ومِن قِبَل أحبّته!. وفيما لو تذكّرنا موضعها في المقطع الشّهير: “كل السَّلَق اللّي في الشّعيب يطلعون” صارتْ تندّرًا وفكاهة!. فإنْ بقيت هذه المفردةُ مفردةً، على حالها في القاموس، أو أشرنا بها تعريفًا وتسميةً لهذا النوع من الحيوانات فقد أبقيناها على حالها لا تدلّ إلا على ما وُجِدَتْ وصيغت في الأصل لتدلّ عليه!.
ـ وفي الشعر، لا أخْيَب ولا أعْيَب من هذه الرتبة الرّابعة!.
ـ “قفلة”:
(حزنٍْ مثِلْ شبّاكْ صبحٍ.. تِبِلَّهْ..
قَطْرَةْ ندَى تِزَحْلِقَتْ كِنّها: “إيهْ”!
بشْفَاهْ عاشِقْ ساهيٍ، واسْتَغَلَّهْ..
خبيثْ: بـ..اسم اللّي ذِبَحْهْ بتغلِّيه!
…
…
أرْدَى الشِّعِرْ: قُولٍ يجيك فْـ.. مَحَلّهْ..
وأحلى الشِّعِرْ: قُولٍ مَحَلّهْ يجي فيه!).