«الغرفة المظلمة»..
ملاذ النصر الأخير
سألني صديق عاشق للنصر قبل المباراة الأخيرة لفريقه أمام الهلال في دوري كأس محمد بن سلمان للمحترفين عن توقعي لها، فأجبته بأن الأزرق سيفوز بثلاثة أهداف على الأقل، فقرَّر عدم الذهاب إلى “مرسول بارك”، إذ ليست لديه ثقة في فريقه بأنه حتى لو تأخر بنتيجة كبيرة، سيعود، كما فعلها فهد الهريفي ورفاقه في منتصف التسعينيات الميلادية في المباراة الشهيرة 4-4.
أشد المتفائلين في الأصفر استبعدوا خسارة الهلال، على الرغم من أن الكفتين متساويتان، فاللاعبون المحليون في الفريقين هم من الركائز الأساسية في صفوف المنتخب السعودي الأول، واللاعبون الأجانب هم الأميز بين نظرائهم في الأندية، لو استثنينا الاتحاد، والرئيسان يدخلان المجال للمرة الأولى في تاريخهما، وحتى الصحافيون والنقاد ممن أعلنوا ميولهم وتحيزهم لقطبي العاصمة متشابهون، وهنا يكمن السؤال الأهم: لماذا فرض الهلال سطوته على النصر على الرغم من التشابه الكبير بينهما؟
الإجابة عن السؤال ليس لها صلة بالأمور الفنية، لكنها تفاصيل بسيطة بعيدة عن الملعب.
بعد الخسارة برباعية من الهلال، خرجت هاشتاقات تطالب برحيل مسلي آل معمر، رئيس النصر، ولا يلام العشاق في مطالبهم، فهم يصنفون الموسم بالأسواء في تاريخ الفريق، كونه يملك مقومات النجاح، لكنه لا يصل إلى مراده، ومنافسه التقليدي يضربه ثلاث مرات، منها مرتان على ملعبه ذي الحصون العنيدة التي لم تتحمَّل الطوفان الأزرق.
تجربة الهلال الإدارية تستحق التوقف عندها، والتزوَّد من محطتها، من ثم الانطلاقة. لا أتحدت عمَّا يقوم به فهد بن نافل، رئيس النادي، فليست لديه الخبرة الكافية في هذا المجال، ولا أفشي سرَّا لكنها الحقيقة، ومع ذلك حقق نجاحات كبيرة، ويكاد يكون الرئيس الأكثر تحقيقًا للألقاب على الرغم من قصر مدته في إدارة النادي، فكيف حدث ذلك؟
هنا تكمن “خلطة” الهلال التي يعبِّر بها سالم الدوسري عن فرحه، لكنها فعلًا موجودة في مطبخ ناديه. شخصياتٌ هلالية عُرفت بالحكمة والحنكة والدهاء والخبرة، شكَّلوا فريقًا قويًّا لإدارة الفريق الأزرق، واستقروا في “الغرفة المظلمة” التي أنارت دروب الفريق. ولا أنسى ما يقدمه فهد المفرج الإداري الخبير وبقية زملائه في الغرفة ذاتها.
الأمر في النصر مختلف، والقرارات تبدو فردية، فلم نسمع أو نشاهد أشخاصًا بالقرب من الرئيس همُّهم النجاح.
أعتقد أن الحل العاجل لإنقاذ النصر هو استنساخ تجربة الهلال في “الغرفة المظلمة” ليرى فريقهم النور، وليس عيبًا طلب ذلك، فالجار للجار ولو جار.