صحافيون
بمرتبة «فانز»
عندما يشاهد الصحافي اسمه على أول مادة يركض بالصحيفة إلى محبيّه فرحًا ليريهم إنجازه وانضمامه رسميًا إلى قائمة “بلاط صاحبة الجلالة” ليواجه دعوة من أقربهم، “يارب.. عقبال ما نشوفك رئيس تحرير”، هذه الدعوة قد تصادف بابًا مفتوحًا في السماء وتتحقق وليس على الله ببعيد وإلا لما شاهدنا الكثير ممن يقف على هرم التحرير في الصحف، وطبعًا الأمر مرهون بالجد والاجتهاد.
لو كان يدرك أصحاب الدعوة بأن هذا الصحافي المبتدئ عندما يكتسب خبرة السنين ويجد ويجتهد ليصعد سلالم المجد سيكون أقصى طموحه هو أن يلتقط صورة “سيلفي” مع نجم في مؤتمر صحافي أو يبدي إعجابه به، لما أتعبوا أنفسهم بالدعاء له، فتحوله إلى “فانز” وملاحقًا للمشاهير مختفيًا في عباءة الصحافة لا تحتاج إلى دعوة وتوفيق.
حضرت الكثير من المؤتمرات الصحافية في زمن السوشال ميديا، وقبلها، ولكن الفارق كبير بين الزمنين ولا مجال للمقارنة فيكفي ذكر الوقت الراهن لندرك حجم التغير.
صحافي يواجه نجمًا في المؤتمر الصحافي وقبل أن يسأله يغرق الصالة بسيل من الإعجاب والمديح وأنه من أشد المتابعين له، وهنا تبدأ عضلات وجه النجم أو الضيف بالارتخاء بعد أن أدرك بأن الصحافي لن يوجه له سؤالًا يجعله يفكر ويتذكر ويضرب أخماسًا بأسداس قبل أن يجيب، فهو يراه بأنه “معجب” به، فيقلل من قيمته الصحافية ويدخله في قائمة المعجبين التي لا ضرر منهم، بعد أن جعل الصحافي من “المايك” وردة حمراء.
الأمر لا يقتصر على ذلك بل الكثير من الصحافيين الميدانيين يعشقون تصوير “السيلفي” مع النجوم بعد الانتهاء من المؤتمر الصحافي، في الوقت الذي تنتظر فيه وسيلته الإعلامية فيديو خاص أو التقاطة لا يزاحمه فيها منافسوه في المؤتمر، وهو في مكان خاضع للسلطة الصحافية وليس ساحة لالتقاط الصور التذكارية وتبادل الإعجابات.
من واقع خبرة ليست طويلة، فإن الضيف أو النجم يحترم الصحافي الذي يوجه له سؤالًا مباشرًا ويحترم مهنته، ويحمي نفسه من حمى الإعجاب بالمشاهير.
للصحافة قيمتها وقامتها في كافة الأوساط والحقول، وصورتها تتشكل بحسب من يمثلها، فلا تلطخوا الصورة الكبيرة بألوان غامقة تعكر جمالها ولا تسكنوها في منازل لا تليق بها وتقلل من مكانتها الرزينة والرصينة، واجعلوا من المؤتمرات الصحافية مكانًا للسؤال والإجابة وليس الإعجاب والابتسامة.