موسم جدة
وتسويق المدن
تسأل مذيعة أحد البرامج الاقتصادية ضيفها عن إغلاق سوق الأسهم السعودية في آخر جلساته الأسبوعية، ومؤشرات البورصة العالمية، ويجيب بكل دقة، فلا مجال للخطأ في لغة المال، وقبل أن تختتم البرنامج توجه له سؤالًا “خارج المنهج”: أين سيقضي إجازة نهاية الأسبوع، فيشير إلى جدة محاولًا زيارة موسمها على حد قوله لكنه يستطرد: “هو بالطبع ليس مثل موسمنا في الرياض”، مقدمًا أفكارًا “بحرية” للقائمين على الموسم لتكتمل الصورة في مخيلته، لكن المذيعة قاطعته بأن هناك الكثير من الفعاليات في البحر..
وضع الأحكام في ميزان “قالوا وسمعت”، يصيب معيار العدل بالشروخ، ويجلب الظلم، وهناك من يرى أن موسم جدة لم يحقق النجاح المطلوب، ولا أعرف ما المقاييس التي ارتكزوا عليها، ولكن تبقى لغة الأرقام أكثر دقة في الرد على الكاتب الاقتصادي في ملعبه، ومطلقي الأحكام عن بعد، فلقد سجل الموسم أكثر من 3 ملايين زائر خلال شهر ونصف الشهر على الرغم من أنه لم يدشن في وقت الإجازات، لا ألبس الوشاح الأسود دفاعًا عن الموسم لكنه الواقع..
الكثير يعشق لغة المقارنة ولا يستطيع أن يستمتع بالجمال إلا عندما يدخله وسط حلبة، فتدور اللكمات في مخيلته، ويكون البقاء فيها للأجمل، حسب وجهة نظره، وهؤلاء للأسف لا يستمتعون بما تقع عليه أعينهم وتلمسه أياديهم..
هذا الضيف الاقتصادي أنموذج للكثيرين ممن أطلقوا المقارنة بين موسميّ الرياض وجدة، ويشيرون إلى أن العروس لم تكتمل زينتها، معتمدين على ما ينقل إليهم فقط من ردة فعل عبر وسائل التواصل الاجتماعي أو بعض الأشخاص، ولم يكلفوا أنفسهم عناء البحث أو الزيارة..
المقارنة بين المواسم أمر صحيّ، ونحن في السعودية ننعم بتنوع الجغرافية فكل مدينة لها خصائصها وطبيعتها ومراكز قوى سياحية، لذا من الطبيعي أن يظهر الاختلاف بين المواسم.
وعمومًا التنافس بين المدن سياحيًا يصب في صالح الوطن الغالي، ويترك خيارات ترفيهية أكبر للمواطن والمقيم والزائر، ويرفع من الناتج المحلي، ويدخل تلك المدن في عالم التسويق، ويجعل منها علامات تجارية عالمية، فالمدن ثروة الدول، وهو ما يتحقق لدينا حاليًا، ولنا في الرياض خير مثال..
ختامًا.. كل الشكر للقائمين على موسم جدة، وما قدموه من جهد مضاعف في مدة قصيرة جعلوا العروس في كامل زينتها، وأتمنى ألّا تطلق الأحكام إلا بعد الزيارة، ولا تكون مقتصرة على أهواء أشخاص، ومزاجيّة ناقليّها.