2022-10-18 | 23:13 مقالات

جفاف القلب أقسى من جفاف الطقس

مشاركة الخبر      

في آخر مغامرات رحلة البحث عن فيلم جميل يستحق المتابعة، وقع الاختيار على عمل “جفاف” الصادر قبل ما يقارب السنتين في مطلع عام 2021.
هذا الفيلم بدأ مقدمته بإيضاح جميل عن مدى كآبة الجفاف، وما يجعل البشر سيئي المزاج وقبيحي الأخلاق أكثر من غيرهم.
وهذا أعادني إلى حدث نشاهده دائمًا في عاصمة قلبي “الرياض”، في الرياض حينما يحول الشتاء ويبدأ موسم الأمطار حتى لو كنت أنت المخطئ بالطريق فالنفوس طيبة والجميع يتصرف بسماحة. بينما في الصيف تجد أن من يخطئ عليك هو الغاضب ويرى بأنه على حق (مثال ساخر لا يعبر عن الجميع).
ولكن على كل حال ابن خلدون مؤسس علم الاجتماع تحدث في مؤلفاته عن ربط المناخ وأخلاق الناس، وكان يتكلم عن كون المناخ له تأثير مباشر على الأعصاب والذي يساهم في تغير تصرفات البشر.
على كل حال، بداية هذا الفيلم كانت تفسيرًا لتلك الحالة وتهيئة الجماهير على سوء تعامل البشر في مناخ جاف والغبار يسوده. حيث يبدأ فيلم الجريمة والغموض الأسترالي المقتبس من رواية للكاتبة الأسترالية جين هاربر عن آرون. العميل الفيدرالي الذي يعود حيث مسقط رأسه بعد أن غاب لعشرات السنين منها.
عودته كانت لأجل أن يؤدي الواجب. وهو تقديم التعازي لحالة وفاة لصديق طفولته الذي يظهر بأنه قد جن جنونه وقتل زوجته وابنه الصغير ثم بعد ذلك قاد سيارته إلى الصحراء ثم قتل نفسه.
ولكن ما حصل بعد العزاء كان أساس القصة.. حيث إن آرون عميل فيدرالي وبالتالي يطلب منه أن يتم التحقيق في هذه الحادثة كمعروف لصديق طفولته. ويعبر والد المتوفي بأن ابنه لم يكن بهذه الطريقة ولا هذا السلوك الذي سيؤدي بالنهاية، لأن يقتل ابنه وزوجته ثم نفسه إطلاقًا. وبالتالي لا بد من وجود تفسير آخر لغموض القضية.
وبالفعل يبدأ العميل آرون بالبحث حول الأمر لإزالة الشبهات ولكن الأمور تقوده إلى أن يعود بالزمن لسنين ماضية حول جريمة قديمة حصلت حينما كان مراهقًا في القرية.
هذا الفيلم تم إخراجه بطريقة رائعة يظهر فيها روبرت كونولي طبيعة صعوبة المناخ الجاف وتحول الإنسان في مثل هذه الظروف إلى شخص أسوأ مما كان عليه بالواقع.
الفيلم أخذ طابع البناء البطيء والدراما الهادئة، والذي قد يجده البعض مُمِلًّا، ولكن النتيجة النهائية بالنسبة لي ظهرت بشكل رائع. حيث كانت مزيجًا بين القصة الدرامية الصادمة والأداء التمثيلي الجميل، وكذلك إشراك المشاهد في التساؤل عن حقيقة القضية والقاتل فيها.