ثلاثة أنواع
اللقاءات أو الحوارات أو المقابلات هي واحدة من أهم وأبرز البضائع التي تقدمها السيدة الصحافة لزوارها وأصحابها وقرائها.. وربما تكون هذه المادة بمثابة الخطوة الأولى للصحافي الذي لا يريد التوقف عند حدود ضيقة..
يمكن للصحافي المحاور الجيد أن يتطور ويذهب بعيداً حيث الواجهة التلفزيونية أو نوافذ السوشال ميديا والتي يأتي اليوتيوب والبودكاست كأبرز تلك الأبواب المصدرة للأحاديث الصحافية الشيقة والمهمة.. وحتى يكون الحوار الصحافي نموذجاً لعمل مهم يحتاج إلى واحد من ثلاث قواعد رئيسية.. فإما أن يكون الضيف المحاور نجماً لامعاً وجاذباً في مجاله سواء الرياضي أو الفني أو السياسي أو الاجتماعي.. وإما أن يكون طرفاً في قضية متداولة حتى وإن لم يكن أحد يعرفه وسبق له رؤيته.. وإما أن يكون كلامه مختلفاً وصاخباً وبعيداً عن الكلاسيكية المعتادة فيفجر أصداء شعبوية في محيطه.. أقصد مثلاً يكون لاعباً كروياً عادياً ولا يرتقي إلى مصاف النجوم الكبيرة ثم يخرج ويتناول ويفتح ملفات حساسة وخطيرة ومثيرة لم يكن الكشف عنها يسيراً ومستساغاً أو عادياً.. هذه أهم أدوات حوار صحافي يمكن وصفه بالتميز والاختلاف.. وهذه طبعاً أمور تختص فقط في جوانب الضيوف.. أما الصحافيون النافذون فيمكنهم صناعة حوار غني وثري بواسطة أسئلة حاضرة وذكية وهادفة تستنطق الضيف ليقول ما ينتظره الناس وما لا ينتظرونه..من رحم الأحاديث الصحافية تتوالد أخبار كثيرة ومعلومات وافرة ولا يمكن معرفتها أو سماعها دون التحضير الحيوي من المحررين أو المراسلين.. للصحافة طرائق عديدة للبقاء وسط الاهتمامات الإنسانية، والحوار الصحافي واحد من أبرز هذه المحطات المتقدة بالجديد والمثير والمهم.. ولو تعاطى الصحافي مع الحوارات بالجدية الكافية لخرج دائماً بمادة إعلامية تجتذب الضوء والانتباه والإعجاب..
ينسى الناس كثيراً من الأخبار والتقارير والصور والاستطلاعات والمقالات، فيما تظل آراء وأسرار أثيرت في الحوارات الصحافية صامدة وباقية لأزمنة ممتدة في أذهانهم..
ومن هنا تبدو الرؤية أكثر اتضاحاً لأهمية الحوار المتحصن بالأسئلة القوية والإجابات الشافية التي بقيت سلاحاً نافذاً وقوياً في انتشار الصحافة وصمودها..حينما يأتي الحديث الطويل والممل عن جودة وفرضية التخصصات فإن الصحافي المتخصص بالحوارات يبرز في طليعة الأسماء المهمة وسط أجواء الإعلام.. هذا النوع من الصحافيين وكما قلت سيجد الطرق ممهدة تماماً نحو فضاءات أرحب، فتنتظره الصحافة التلفزيونية، وتترقبه صحافة السوشال ميديا بأذرعتها المتعددة ويأخذ نصيبه في كل المكتسبات المتاحة..أعيدوا النظر مرة ومرتين أيها الزملاء الصحافيون في تعاملكم مع أي حوار صحافي، وراجعوا بتركيز تلك القواعد الثلاث المستوجب توافرها في خطواتكم..أعيدوا صياغة الأسئلة والأفكار والرؤى.. وهاتوا حواراً يكون حديث كل الحوارات في المجالس والمقاهي والاستراحات.