كل شيء هادئ على الجبهة الغربية
في علم الاجتماع يطول الحديث عن أثر الجماعة على الفرد، وكيف أن الإنسان قد يعيش في فقاعة معرفة غير موجودة وغير عقلانية، ولكنه حينما يكون مع العموم والجماعة تكون تلك الأمور منطقية وصحيحة.
وعلى هذه المقدمة يكون الأثر واضحًا على أبطال كل شيء هادئ على الجبهة الغربية. بدأت كرواية للمؤلف إريك ماريا ريمارك، هذه الرواية تحولت لثلاثة أفلام حتى الآن، أولها كان في عام 1939 وحصل الفيلم على جائزة الأوسكار كفيلم وكذلك مخرجه، أما الثاني فلم يحصل على شيء وصدر في عام 1979، ثم أخيرًا فيلمنا لهذا اليوم والصادر خلال الأسبوع الماضي.
الفيلم يتحدث عن الحرب العالمية الأولى مع كل تلك الضغوطات النفسية والجسدية التي تواجه الجنود في الحرب ذاتها. كل تلك الصدمات التي لم يسبق لهم أن تخيلوها. الفيلم ينطلق مع مجموعة من الشبان الألمان الساعين والمتحمسين لأن يكونوا جزءًا من الحرب دون الأخذ بعين الاعتبار أي عوامل أخرى لمدى بشاعتها أو وحشيتها أو الطرف الآخر فيها.
خمسون مليون نسخة تم بيعها في الرواية التي ترجمت لما يزيد عن الثلاثين لغة ومنها العربية، وبسبب تلك الضخامة تعود نيتفلكس لتجسيد جديد، تجسيد لا يعتبر الأول من نوعه في أفلام الحرب، ولا حتى الأول من نوعه في تجسيد الرواية نفسها، ولكنه تجسيد بالغ القوة والأسى في مخرجاته ورائع في إنتاجه وإخراجه. فحيثما تشاهد الإبداع تدرك أنه يكون على حساب الوحشية والألم الذي يحاول عكس الواقع.
بول بومر مراهق صغير يرغب بشدة أن يكون ضمن الجيش من أحل خدمة بلاده، بلاده التي باعت له كذبة استفاد منها رجال السياسة بعد التغرير بالصغار للعودة بالأمجاد والبطولات، كلها باسم القيصر ومجد ألمانيا، ولذلك يبدأ بول بومر رحلته المرعبة في الذهاب للجبهة الغربية واكتشاف الواقع المر بأن يكون الإنسان إما قاتلًا أو مقتولًا في كل تقدم، وما هو المعنى أن تكون على يقظة كي لا تقتل في أي لحظة وبذات الوقت تذوق طعم النوم. هذا الفيلم لعله ليس بأقوى أفلام الحرب التي شاهدتها، ولعله لا يكون ضمن أفضل خمسة أفلام حربية حتى، ولكنه يستحق أن يكون ضمن الأفلام الرائعة للعام 2022.