كلام
ويك إند
ـ منذ بدايات استخدامي للجوال كنت كثيرًا ما أفقد جوالي، غالبًا كنت أنساه على كرسي الباص أو القطار، والمشكلة الأكبر لم تكن في فقداني لقيمة الجهاز بل للأرقام المخزنة بداخله، وللشريحة التي يعرف زملائي وأصدقائي رقمها، لذا كنت كل 5 أو 6 أشهر تقريبًا أضطر لاستخراج رقم جديد.
هكذا استمر الوضع حتى التقيت ذات يوم مع الأمير الشاعر الكبير سعود بن عبد الله، والأمير سعود مع رومانسية قصائده وعمقها وجمال صورها كان لا يقل موهبة في صناعة التعليقات الطريفة إذا ما أراد، التقيته في لندن وكنت استبدلت رقمي المفقود برقم جديد، فقال الأمير: أنت كل شهرين ثلاث تضيّع رقمك، أحسن شيء نزرعلك شريحة برأسك!. كانت دعابة، وكان في قارة بعيدة رجل اسمه إيلون ماسك يحلم باستخدام التقنية في كل شيء، حتى في زراعة الشريحة داخل رأس الإنسان. وبالأمس عندما قرأت موافقة إدارة الغذاء والدواء الأمريكية على منح إحدى شركات ماسك موافقتها لزراعة الشريحة في رأس البشر، تذكرت تعليق الأمير سعود، كان شيئًا من خيال بالنسبة لي، وكان للعلماء بداية فكرة. الاستخدامات الحالية للشريحة ستكون طبية تساعد بعض الأمراض العصبية وبعض حالات الشلل والعمى. ولا أشك أنها بداية لاستخدامات أخرى، بالنسبة لي سأفعل كما فعل محمد سعد في فيلم (اللمبي 8 جيجا) سأضع حجم ذاكرة أكبر، لكنني لن أمسح شيئًا من الذكريات، خصوصًا مع من جعلوا حياتي أجمل.
ـ اليوم عندي دعوة على الغداء عند أحد الأصدقاء القدماء، صديق أيام العزوبية، هذا الصديق لم أعتذر عن عزومته يومًا، وكان يعرف الشرط الوحيد الذي أفرضه عليه: أن يطبخ الطعام بنفسه، لأن لا أحد مثله في تحضير الطعام، حتى في المطاعم التي مررت عليها، شعبية كانت أو من تلك التي تحتاج لقرض بنكي لتسديد فاتورة طاولتها. لا أدري ماذا يفعل تحديدًا لكي يحضّر هذا الطعام اللذيذ، كان وما زال مشهورًا بمهارته، حتى أن له صديقًا مشتركًا قال له بعد نقاش حاد: كل مرة أبتهاوش معاك أتذكر طبخك وأهوّن! في تلك الأيام راقبت طريقة إعداده للطعام، تصورت أنه يحتفظ ببهارات سرية، لكنني لم أجد سوى طريقة عادية وبهارات مثل التي نشتريها من البقالة، ومنذ تلك الفترة علمت أن سر مهارة الطبخ عند بعض الناس أنها بلا سر، ورزق على شكل موهبة فطرية.
ـ السر في الحب، أينما يكون تكون القوة والنجاح، لذا كل من لا يحب عمله عليه أن يغادره بعد إيجاد البديل المناسب، هذا ما أراد أن يقوله ديل كارنيجي (لا يمكن تحقيق النجاح إلا إذا أحببت ما تقوم به).