نقاد شاي
«أبو الأصول»
في الفيلم الخالد “الكيف” يظهر النجم الكبير جميل راتب في مشهد يتحدث مع العبقري يحيى الفخراني عن قصته مع تجارة الشاي، ويقول إنه في بداياته كان يغش الشاي بوضع نشارة الخشب وسمّاه “شاي أبو الأصول”، وأقبل عليه الناس و”القرش جرى في إيده”، ولكن فجأة النشارة ارتفع سعرها والنجارون رفضوا يخفضوا فاضطر إلى بيع الشاي دون أن يغش فيه، ولكن حينها رفضه الزبائن وقاطعوه و”طفشوا”، وقالوا إن الشاي مغشوش، فـ”انخرب بيته وفلّس”.
يعلل الجميل جميل الموقف بأن الزبائن مغفلون، فعندما منحهم السلعة دون غش رفضوها، قبل أن يصفعه الفخراني برد عاصف: “هم اللي مغفلين وإلا أنت واللي زيك من الغشاشين أفسدتم ذوقهم وعودتموهم على الوحش لغاية ما نسيو طعم الحلو”..
ببساطة هذا واقع بعض البرامج الرياضية المحلية، ممن يقدم الكثير من الصحافيين الرياضيين وكأنهم فلاسفة هذا الزمان وعرّابو الوسط ومهندسو الخطط المستقبلية وأصحاب الفكر النيّر وهم براء من ذلك براءة الذئب من دم ابن يعقوب، والأقرب إلى “شاي أبو الأصول”..
صنّاع تلك البرامج ممن لهم سنوات طويلة في المهنة، ومن يؤجج ضيوفها ومقدموها التعصب والفرقة في الوسط الرياضي، وهم قلة ولله الحمد جعلوا من هؤلاء الصحافيين خبراء في كرة القدم وللأسف يختبئون خلف عباءة المثالية وبياض الأسنان حتى تحول البعض منهم إلى أقرب بـ”الفاشنستا” في عرض ملابسه فلا يلاموا فلقد صنعوا منهم نجومًا بـ”الغش” على طريقة “شاي أبو الأصول”..
المتابعون عندما يبث أي برنامج خال من الغش و”نشارة الخشب” لا يتقبلونه بسهولة ويرفضونه فلقد اعتادت حواسهم على تلقي السيئ حتى اعتقدوا أنه الصواب، والمخجل أن صناع البرامج الرديئة وضيوفها يتغنون بعدد المشاهدات وهو ليس مقياسًا وإلا لما تربّعت الراقصة وطبالوها على خانة الأعلى مشاهدة؟!..
ملعب SBC الذي يقدمه خالد الشنيف في موسمه الثاني سحب البساط من تلك البرامج “الرديئة” وأعاد الذائقة السليمة إلى المتابعين، ونجاحه ببساطة أنه اعتمد على نجوم كرة القدم وأهل اللعبة ليكونوا ضيوفًا ولا يحمل صنّاعه أي أجندات أو يشكلون عداوات مع أندية من أجل “الترند” ويقدم كرة القدم من زاوية التثقيف ولم يسقِ متابعيّه شاي أبو “الأصول”..
ختامًا.. علينا جميعًا كصحافيين أن نحمي المهنة من أعدائها ونلوّن ذائقة المتلقيّ ونقدم له الأعمال الجيدة ونطرد الرديئة.. ونستطعم الشاي الحقيقي بعيدًا عن “أبو الأصول”.