العالم
الذي نعيش
ـ مقال اليوم عن أخبار العالم الذي نعيش، وكالعادة ابتعدت عن اختيار الأخبار التي تبعث على القلق أو الحيرة، والقلق هو ما يخيف مثل أخبار الحروب ومتعلقاتها من أسلحة مرعبة، أما الحيرة فأقصد بها هذه المرة التناقض الذي تكاد أوروبا تختص به وتحتكره لنفسها، وأعني ما يتعلق بالحريات ومقاساتها، ومتى تصبح الحرية ضرورة إنسانية ومتى تلغى نهائيًّا! أول خبر مما سيجود به الذكاء الاصطناعي في المستقبل القريب، وآخر الدراسات تقول إننا سنستطيع تذوق الأطعمة عن بعد! كيف؟ لا أعرف الإجابة ولم تذكرها الدراسة.
عندما فكرت في الطريقة التي سنتمكن فيها من تذوق طعام غير موجود أمامنا توصلت إلى أنها ممكنة في المستقبل، أما التفاصيل فنتركها للعلماء، ربما ستصدر أجهزة المستقبل روائح بنكهات الأطعمة، وسبق وقرأت قبل سنوات عن هذا الشأن لكنه كان يتحدث عن العطور. قد يبدو الأمر الآن صعب التصديق، فمسألة أن تشم رائحة المندي أو المطبّق عبر جهازك مسألة يصعب قبولها، لكن أشياء كثيرة كان يصعب تصديقها ثم تحققت على الواقع. هذا المقال الذي أكتبه كان يتطلب إرساله قبل 40 عامًا عدة أيام عبر البريد، الآن مجرد ثانية واحدة. لا أدري إن كنت ممن سيعيشون للفترة التي نشم فيها نكهة وجبتنا عبر الإنترنت، وإذا ما عشت سأطلب سليق مع دجاج، شرط أن تكون نكهته مثل النكهة التقليدية التي لا ينسى طعمها وتستحضر معها ذكريات الشتاء الباردة.
ـ لن أبتعد بالحديث عن الذكاء الاصطناعي.. ماذا أفعل.. إنه حديث الساعة ووجه المستقبل، حتى في الإذاعة أجد نفسي أتحدث يوميًّا عن التغييرات التي يحدثها الذكاء الاصطناعي، فأخباره في كل مكان، وتهديداته كبديل عن وظائفنا لا تتوقف. هذه المرة أتيت بمعلومة مفيده تقول إن الذكاء الاصطناعي لن يستطيع أن يحل بديلًا عن بعض الوظائف، ويقول المحاضر بول كانتي الأستاذ المحاضر في جامعة كولومبيا (إذا كنتم تعملون سمكرية، أو تديرون عملًا بالسمكرة، فأنتم في وضع جيد لأن الذكاء الاصطناعي لا يملك يدين وذراعين، كما أن فترة التحول ستكون طويلة). لست متأكدًا إن كان يقصد أن الذكاء الاصطناعي لن يستطيع أن يحل بديلًا عن المهن اليدوية، لكني زرت قبل أيام مطعمًا كان يعد الخبز من نوع (التميس) عبر الآلة المرتبطة بتطبيق ذكي دون وجود عامل بشري في معظم المراحل، أي أن الذكاء الاصطناعي مع الوقت سيصل للكثير من المهن اليدوية. لماذا أكتب كثيرًا عن الذكاء الاصطناعي وعن الوظائف التي سيأخذها، لماذا أثير القلق؟ لماذا أفسد أوقاتنا الممتعة في وظائفنا الحالية؟ لا يحل بديلًا لآخر إلا ويترك فراغًا في مكان ما، وفي ذلك الفراغ ستخلق وظائف جديدة يعجز عنها الذكاء الاصطناعي.