ذكاء أم غباء اصطناعي؟
- من سوّق لنا مسمى الذكاء الاصطناعي؟ ولماذا سلمنا على أنه بالمجمل ذكاء؟ لماذا لا يكون في مواضع - على الأقل - غباءً اصطناعيًا؟ يقال إن الوصول للهدف لن يعني شيئًا حسيًا مهمًا إن لم تكن رحلة تحقيقه ممتعة بمجملها.
تأخذ الوظيفة ثلث يومنا، وهي تشكل سنوات طويلة من حياتنا، وإذا ما فكرنا بماذا ملأنا هذه السنوات فسنجد أنها مزيج من العمل الفردي ومن الجماعي مع زملاء العمل. تشكلت خلالها علاقاتنا الإنسانية مع بعضنا، وأصبح الزملاء جزءًا مهمًا من يومنا وذاكرتنا، وتخيلوا لو تم استبدال الزملاء بالذكاء الاصطناعي فهل تعد بيئة العمل حينها ذكاءً؟ أليس بزملائنا في العمل نكوّن بيئة إيجابية وتحفيزية؟ ألم يكوّن البشر الكثير من صداقاتهم العميقة مع زملائهم؟ عندما سافرت قبل شهر أول ما فعلته هو الاتصال بزميلي الذي تعرفت عليه قبل سنوات في العمل، جاء لي بعد ساعة من اتصالي، وعرفني على البلد بطريقة لم أكن سأعرفها لولا وجوده، شعرت بوجوده بالألفة مع المكان وبالكثير من الأمان. هل كنت سأتصل بذكاء اصطناعي ليفعل لي ما فعله الزميل الذي تحول إلى صديق؟ أعرف شخصيًا خلال مشوار العمل 6 زملاء تزوجوا من 6 زميلات، ولن تتحقق هذه الزيجات لولا بيئة العمل التي عرفتهم على بعضهم. قبل أشهر حجزت تذكرة السفر وغرفة الفندق عبر التطبيق خلال دقائق، وللجيل الجديد أقول بأن هذه العملية كانت تستغرق وقتًا منه الذهاب إلى مكتب السفر للحصول على التذكرة. عندما وصلت، عند منتصف الليل، وجدت أن الفندق بلا موظفين، مجرد آلة (ذكية) يجلس بجانبها عدة مسافرين كان من بينهم رجل وزوجته وطفليه، وعندما أدخلت رقم الحجز للحصول على مفتاح الغرفة كتبت لي الآلة بأنها معطلة مؤقتًا، كررت المحاولة وأعطتني نفس الرد، ثم اكتشفت أن الجالسين بجانب الآلة يعانون من نفس المشكلة! كان كل من لا يملك مالًا لأخذ سيارة أجرة ودفع تكاليف إقامة في فندق آخر في ورطة، صانع الورطة هو الفندق الذي أراد أن يوفر وظيفة (الريسبشن)، جاء الحل بعد ساعات عندما جاء موظف الريسبشن، فهل كانت هذه التجربة ذكاءً؟ لست ضد وجود الذكاء الاصطناعي في أي شأن، ونحن جميعًا من المستفيدين منه، لكنه يجب أن يكون فيما يصلح فيه فقط، وأن يكون وجوده كمساعد للإنسان لا بديلًا عنه.