مقولات
الحياة
مقولات المفكرين والأدباء والمشاهير صارت منتشرة بعد ظهور الإنترنت، بإمكانك أن تحصل على شيء من آرائهم، ونبذة عن أفكارهم بمجرد أن تنقر زر البحث، على أن يكون المصدر موثوقًا، وأنا متأكد أن بعض المقولات نسبت لأسماء لا علاقة لها بها، كما أنها ضعيفة أو غير منطقية، وقد يُؤلّف أحد ما مقولةً وينسبها لنجيب محفوظ أو أنيشتاين، وسبق وقرأت مقولةً منسوبةً لنجيب محفوظ وكانت بعيدةً كل البعد عن المنطق، ويبدو أن من كتبها كان في خصام شديد مع زوجته وأراد أن ينتقم من كل النساء، فكتب عبارةً قاسيةً وبعيدةً عن المنطق وعن أسلوب وفكر الكاتب الكبير نجيب محفوظ.
بعض المقولات مقتبسة من رواية لكن الكاتب لم يكن يعبر عن رأيه الشخصي إنما كتب رأي الشخصية في الرواية، وقد تكون مقولة الشخصية في الرواية رائعة. كل هذه المقدمة عن المقولات ومصادرها الموثوقة لا تضمن أن كل المقولات التي اخترتها للمقال هي لأصحابها، من يدري فقد يكون الذي ألَّفَها لديه من الفكر والأدب ما يخدع، وقد يكتب أحدهم مقولةً عظيمةً وينسبها لشخصية شهيرة لكي يزيد من مصداقيتها، لأنه يعلم بأنها إذا نسبت إلى مشهور فسيأخذها الناس على محمل الجد والإعجاب، أما إذا نسبها إلى نفسه فلن تأخذ بجدية أو اهتمام، فالغالية تضع هالة على الأسماء الشهيرة، وتقبل ما تقوله وإن كان عاديًا، بينما لا تقبل من المغمور حتى إن قال دررًا، هذه مأساة قديمة عاشها وتعيشها شخصيات لديها قدرات كبيرة لكنها تعيش في ظلمات الظل. المهم ليس كل المقولات التي اخترتها مصدرها من الإنترنت. المقولة الأولى اخترتها لمصطفى صادق الرافعي، وقد يتفق البعض وربما الأكثرية في أن التواضع يتحول إلى صفة غير جيدة إذا ما كانت تواجه صفة كالتي ذكرها الرافعي (فلسفتي أن الكبرياء على المتكبرين أعلى من التواضع) هل سيبدو التواضع للمتكبر تواضعًا؟ لا شك أنه سيبدو ضعفًا وذلة، لكن التواضع للمتواضعين سيبدو كرمًا وتقديرًا. أمين الريحاني قدَّم في مقولة معادلة سهلة، لا نحتاج لحلها أية قدرات حسابية، ولا بلاغة أدبية، وهي مفتاح نجاح لكل شؤون الحياة، لكنها تحتاج إلى انتصارات دائمة على النفس (ازرع الصدق والرصانة تحصد الثقة والأمانة). المقولة التالية لمصطفى المنفلوطي، في المقولة دعوة لترقيق القلوب، ولفهم الحياة بمفهومها الإنساني، وليس بمفهومها المادي والتنافسي المليء بالأنانية والقسوة (أيها السعداء أحسنوا إلى الفقراء والبائسين، وامسحوا دموع الأشقياء، وارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء). جورج أورويل متعمق في النفس البشرية، وهو يرى أن في كل حالة حب هناك خطًا موازيًا لا يقل أهمية وربما أكثر أهمية من الحب نفسه (ربما لم يطمع المرأ في الحب بقدر رغبته في أن يفهمه أحد) المقولة التالية لغازي القصيبي فيها وصفة مختصرة لطريقة من طرق النجاح إذا ما أخذناها على صعيد شخصي، هي دعوة لأن يكون الإنسان صريحًا مع نفسه، وعمليًا مع واقعه (لا تعطوا الهزيمة اسمًا آخر، ولا تسألوا المهزوم لماذا انهزم، بل فتشوا عن أسباب نصر المنتصر) المقولة الأخيرة لبهاء طاهر عن الندم، والشعور بالندم مؤشر على أن الضمير ما زال في صحة جيدة (الندم باب الحياء، والحياء باب التوبة).