2023-08-24 | 23:16 مقالات

كلام في الأفلام

مشاركة الخبر      

أحببت الأفلام منذ طفولتي، أشاهدها حيثما توفرت على التلفزيون أو أشرطة الفيديو، وعندما كبرت وجدت نفسي تبحث عن الأفلام المأخوذة من القصص الحقيقية، وأعتقد أن سبب ميلي للقصص الحقيقية عائد لدروسها الواقعية، ولأنها لا تعطي الكاتب أو المخرج فرصة الجنوح والقفز بالقصة إلى ما لا يصدقه ولا يقبله العقل، وسبق وتوقفت عن مشاهدة أفلام لأن الكاتب قرَّر أن يستهين بعقلية المشاهدين أو ربما شعر المخرج بأن دقائق من الفانتازيا سترفع حماسنا.
لكن هناك أفلامًا عظيمة لم تكن مقتبسة من قصص حقيقية، فيلم العراب مقتبس من رواية العراب لكن المخرج تعامل معها وكأنها قصة حقيقية فانتقل هذا الشعور لنا نحن المشاهدين، لذا كلما تذكرت فيلم العراب تذكرته وكأنه قصة حقيقية تم نقلها للشاشة بكل أمانة وضمير في نقل التفاصيل الصغيرة والدقيقة، وهنا يكمن الفارق بين مخرج وآخر، فهناك من يقتل الرواية مهما كانت عظيمة، وهناك من يحول رواية قد لا تكون مشهورة إلى رواية شهيرة ذات قيمة كبيرة.
في مقال اليوم اخترت بعض المقولات لمخرجين عالميين، ويتضح من خلال هذه المقولات على أي أساس استندوا لكي يحققوا نجاحاتهم في هذه المهنة شديدة العبقرية. فرانك كابرا أحد أعظم مخرجي أفلام الثلاثينيات والأربعينيات وحصل على الأوسكار عن فيلم (حدثت في ليلة ما) لديه مقولة تبدو سهلة في ظاهرها لكن تطبيقها يحتاج إلى حس فني عالٍ (في السينما لا توجد قواعد، فقط خطايا يجب تجنبها، والخطيئة الأولى هي الملل). المخرج والسيناريست ديفيد لينش يرى أن أساس الإخراج الناجح قائم على فكرة صحيحة (أول شيء عليك إيجاده هو فكرة، فكرة تجعلك تقع في غرامها، الفكرة التي تدلك على المزاج الذي تختاره للشخصيات وكيف يتحدثون، الفكرة تخبرك بالقصة، وتوضح لك كافة التفاصيل. وكل ما عليك فعله أن تظل مخلصًا لتلك الفكرة أثناء تنفيذ الفيلم).
فرانسيس فورد كوبولا مخرج العراب يبدأ عمله قبل البدء بإخراج الفيلم (عنصر أساسي في أي فيلم هو فن المخاطرة، إذا لم تخاطر بذلك كيف يمكنك صنع شيء جميل حقًا لم يسبق له مثيل؟). والحق مع كوبولا فكل ما هو جديد عبارة عن مخاطرة، وتقديم ما هو موجود هو تكرار لا جديد وإبداع فيه، وأعتقد أنه بدأ بالمخاطرة عندما أصرَّ على اختيار الشاب آل باتشينو ليكون أحد أبطال الفيلم، كان الممولون للفيلم يرفضون آل باتشينو، كانوا يرون أنه صغير فنيًّا على الدور، لكن كوبولا أصرَّ بشدة وكان يمارس هذه المخاطرة التي تحدث عنها، الممولون في الفيلم أثناء التصوير وعند مشاهدتهم أداء آل باتشينو اكتشفوا عبقريتين، الأولى عبقرية آل باتشينو المبكرة، والثانية عبقرية كوبولا في اختيار آل باتشينو لهذا الدور وعدم تراجعه.