ليلة كوستا
رمى مارتينيز كأس العالم بين أحضان ميسي وحقق للأسطورة الأرجنتينية حلم حياته الكبير، ودون هذا الحارس ما كان لورثة قمصان مارادونا العودة مجددًا إلى عرش كرة القدم وتعليق النجمة الثالثة.. ياسين بونو قاد بلده المغرب إلى إنجاز تاريخي بالوصول إلى الأربعة الكبار في المونديال الأخير.. كان المنتخب المغربي يلعب بطريقة تقفيل منطقة المناورة ومن ثم الارتداد عبر الأطراف، ورغم التطبيق الذي سادته العشوائية والاجتهادات الفردية إلا أن بونو وحده صنع الفارق وقدَّم للمغاربة هدية تاريخية ربما يصعب تكرارها سنوات طويلة.. أستعرض هذين النموذجين من قدرات الحراس الباسلة وأنا أتلمس ما فعله الحارس كوستا حينما تكفل بنقل البرتغال إلى الخطوة الثانية عقب وصولها إلى ضربات الحظ في مباراتها أمام سلوفينيا.. ربما طغى إهدار رونالدو لضربة جزائية في الوقت الإضافي على المشهد كاملًا.. هذا طبيعي جدًّا.. هذا رونالدو يمتلك توجيه الضوء فرحًا كان أم منكسرًا.. ربما كان اعتذاره اللطيف بعد تسجيله ضربة الترجيح الأولى هي التي تستحق الكثير من التعاطي والسؤال والجواب.. قبل سنوات سألت أسطورة الكرة السعودية ماجد عبد الله عن عدم خروجه معتذرًا للجماهير بإضاعة بطولة أو منافسة، وقال لي الاعتذار لا يكون بالكلام، وإنما ببذل مزيد من الجهد والعمل لتعويضهم في المرات التالية.. وهذا ما فعله رونالدو بالضبط.. حينما أهدر الجزائية لم يعتذر.. اعتذر بلطافة وحب وانكسار بعد تصديه وتقدمه للضربة الأولى وتسجيلها.. إنها واحدة من الحالات الأسطورية التي يمكن لكرة القدم البناء عليها في تعاطيها مع نجومها الأفذاذ..
أعود مجددًا ودائمًا إلى ترسيخ مفهوم أهمية وجود حارس متمكن في كل فريق ومنتخب.. الذين كانوا يقولون الحارس نصف الفريق أدركوا في وقت مبكر ماذا يعني أن يكون لديك حارس يؤتمن على شباكك.. ما كان البرتغال يستحق الخسارة والخروج المبكر.. سيطر بصورة مطلقة على كل تفاصيل المواجهة.. هاجم بضراوة لكنه لم يستطع كشف مرمى الخصوم، وهذا ما جعل الاستحواذ السلبي يطغى على أغلب أوقات اللقاء.. ذهبت المباراة تجر أثوابها إلى تلك اللحظات المميتة، وابتسمت كرة القدم على غير عاداتها لمن يفترض فيه الفرح في وقت مبكر..
عبر رونالدو.. وعبرت البرتغال.. واستمرت بطولة أوروبا في ألقها وسحرها وهي تتمسك بواحد من الأساطير الحية ليعطيها مزيدًا من الصخب والحضور والمتابعة والتحدي.