2025-05-27 | 02:43 مقالات

قصّة رافع

مشاركة الخبر      

موجة تضليل هائلة صاحبت قضية نادي النصر ضد نادي العروبة والاتحاد السعودي لكرة القدم. وطغت الموجة مع وصول التقاضي إلى مركز التحكيم الرياضي المُطابق لمحكمة «كاس» من «فيفا» في السعودية. وأتت مُسبّبات التضليل بعد تداخل نادي الهلال طرفًا في القضية، إذ ارتفعت الأصوات المُشوّشة للحؤول دون إصدار حكم يصبّ في مصلحة النصر وقضيته العادلة. وانتهج المضلّلون أسلوب «التشويش» في البداية، وحينما لم ينفع، طفقوا إلى خلط أوراق أنظمة بأنظمة، وقوانين مرعية بقوانين أخرى دون النظر إلى تباعد الحالة، وحصرها في إطارها الرياضي.
والمُضلِّل الرديء، في الغالب، شخص لا يقرأ، وليس واسع الفهم، ويميل إلى تجييش أكثر عدد ممكن من الجمهور دون وعي وإدراك، فقط لادعاء المعرفة، وتغيير وجهة القرار، وهذا من النوع من المضللين ذو نمط قديم، وطرح تجاوزه الزمن بمعطياته المختلفة.
وللأمثلة، فقط تم الربط بين نظام العمل السعودي بلائحة الاحتراف وأوضاع اللاعبين، و«الاستيداع» في النظام العسكري بالتعاقد مع نادٍ، في ظهورٍ لم يكن محسوبًا على الإطلاق، ويُعطي انطباعًا سيئًا عن مستوى الطرح في المجال الكُروي السعودي.
إن القضاء، ودرجاته، وأسلوب مرافعاته، هو منبع «الوعي» و«الإدراك»، وموطن الفهم، واتساع الأفق، كونه يعتمد على ربط العقل بتتبّع المنطق، والمقدرة على التسبيب، والوقوف عند نقاط التفسير للانطلاق منها وتقديمها. والصحافي، في كثيرٍ من الأحايين، يجتمع مع القانوني، في عرض القضيّة، وتفكيك جوانبها، للوصول إلى الحقيقة، والتمسّك بالدليل.
لقد أتت قصّة «رافع» لتُعطي مفهومًا جديدًا، لمعنى الإيمان بالقضايا، ولكيفية الاستمرار في الرسالة دون الاهتمام بالتشويش، وموجات التضليل. كما أن القصّة أثبتت أن المنبر مهما كان سليطًا، ومُشاهدًا، فإنّه لا يُغيّر من موقف القضاء النزيه، ولا يجعله يُصدر حكمًا ناقصًا لا أصل له.
إن الإيمان بالقضيّة يقود إلى التقديم لها، وأن ما يجعلها تسير في الاتجاه الصحيح، يكون في عمق التصديق، وصلابة الموقف. تحيّة لكل ثابت قطع الخطوات السليمة، دون أن يهتز، ولو للحظة واحدة، من موجة تضليل.