|


ماجد الحميدي
لأنه كابيللو (1-2)
2008-11-25
شارف الإيطالي كابيللو على إنهاء عامه الأول على رأس الجهاز الفني للمنتخب الإنجليزي الأول برصيد حافل أحرز فيه من خلال عشر مباريات ثمانية انتصارات وتعادلا وخسارة وحيدة، ولكن، فيم العجب، إنه فابيو كابيللو.
حينما تولى كابيللو الإشراف على المنتخب الإنجليزي في ديسمبر 2008، بل حتى قبل أن يتولى المهمة، شخص الداء وذكر أن مشكلة اللاعب الإنجليزي تكمن في غياب روح الفوز وأن الأمر الأول الذي ينبغي العمل عليه هو استعادة عقلية الفوز، ولعله أيضا الأمر الذي عمل عليه حين إشرافه على ريال مدريد الذي أعاد له وهجه ببطولة الدوري الإسباني بعد صيام طويل، يبدو أن كابيللو يعرف فعلا كيف يستعيد عقلية الفوز المسلوبة.
ولأنه كابيللو، فقد اعتمد في خياراته على الأجدر من حيث الجاهزية الفنية عطفا على الأداء الفني للاعب – أي لاعب – في مختلف الدوريات، فلم يكن حاضرا حين جدولة مباريات الدوري الإنجليزي أو غيره وأخذ على عاتقه مسؤولية البحث عن قائمة هي الأجدر بارتداء الشعار الأبيض ؛ فهل شاهدنا برمجة الدوري الإنجليزي _ على سبيل المثال _تتأثر لكي يعد كابيللو فريقه؟ ولأن هذه الجاهزية هي المعيار فإنه لم يضم تلك الأسماء التي لها وقعها في الإعلام الإنجليزي لمجرد الإرضاء، بل لم يأبه بكل ما يتردد إعلاميا أو حتى على لسان أساطين التدريب والضالعين بالكرة الانجليزية مثل أليكس فيرجسون وآرسين فينجر، فها هو يرفض الآن ضم ديفيد بيكام بسبب ابتعاده عن الكرة نظرا لتوقف الدوري الأمريكي الأمر الذي شجع بيكام كثيرا على قبول طلب الإعارة من ميلان الإيطالي، وها هو أيضا يرفض ضم مايكل أوين لأسبابه الفنية بالرغم من الانتقادات حوله، ولعله أوضح رسالته بجلاء حينما قال: "قد يحب الناس الكلام، ولكني لا أحب إلا الفوز."
ولأنه كابيللو، فقد كان حريصا على أن يخوض لقاءاته الودية أمام أعتى المنتخبات الأوروبية، فها هو يحرج الألمان على أرضهم وبين جماهيرهم وبكامل نجومهم وفي ظل غياب ثمانية من أبرز عناصره بداعي الإصابة مثل جيرارد ولامبارد وفيرديناند وواين روني.. فهل تذرع بإصابات لاعبيه أو تهرب من لقاء ودي بهذا الحجم لحفظ سجله والنفاذ بجلده من سوط إعلام شرس هناك؟ وهل ألقى باللائمة على الأندية بسبب إصابات اللاعبين؟ لم يأبه أبدا حتى بالرغم من تساؤلات آرسن فينجر قبل المبارة حول جدوى إقامتها في ظل النقص الكبير، يبدو أن جدواها قد تجلت حيث أصبح كل لاعب إنجليزي – أيا كان اسمه – غير ضامن لمكان مؤكد الحجز له على طائرة كابيللو المحلقة في سماء الإبداع، وراحت الصحف الانجليزية التي كانت أيضا متخوفة من اللقاء وجدواه تتغنى بصنع كابيللو حيث كتبت صحيفة (صن) "كابيللو لا يخطئ حتى في ظل غياب أبرز نجومه."
ولأنه كابيللو، فإنه يدرس كل منتخب يلاقيه دراسة متأنية تؤتي نتائجها على أرض الواقع، فها هو على سبيل المثال يؤكد أنه تابع كل حركات وسكنات المنتخب الكرواتي منذ مشاركة هذا الأخير في كأس الأمم الأوروبية الثالثة عشرة (2008) وأنه عرف أسرار ذلك الفريق وكيف يتحرك لاعبوه بكرة وبدون كرة وأثبت تلك المتابعة بسحقه للمنتخب الكرواتي بأربعة أهداف لهدف ضمن التصفيات الأوروبية المؤهلة لكأس العالم. بالطبع تلك المتابعة يتوقف عليها بنفسه ولا يوعزها لأحد مساعديه، وهذه المتابعة تراكمية الصبغة - أي أنها ليست بذاك النوع من المتابعة الذي يطرأ في اللحظات الأخيرة وحين يحل لقاء الفريق المنافس.
ولأنه كابيللو، فقد أعلن في 7 مايو الماضي، أي بعد أربعة أشهر من إشرافه على المنتخب الانجليزي، عن أهدافه، وكانت تلك الأهداف منطقية وواقعية ومبنية على معايشة وإدراك لما استطاع تحقيقه وما يريد أن يحققه بالنسبة للمنتخب الانجليزي، إذ أعلن أن هدفه هو الوصول إلى نصف نهائي كأس العالم 2010 أو تحقيق أمم أوروبا 2012. وبالطبع، حينما يعلن كابيللو عن أهدافه فإنه يعي ما قد أعلن ويعي كيفية تحقيق ما أعلنه، فالمسألة بالنسبة له ليست مجرد تصريحات رنانة بالفوز بكل المباريات لمجرد الاستهلاك الإعلامي المؤقت وصناعة المانشيتات الطنانة.
إذا حالفه التوفيق، فإن المنتخب الانجليزي على أعتاب مجد جديد يعيد مجده العتيق على يد عبقري اسمه فابيو كابيللو.. تحياتي.