السوق والحب والأهل والمكتبة!
ليس من طبيعتي التّمْشِيَة في الأسواق لمجرّد التَّمْشِيَة. أنا من النوع الذي يتّجه بشكل مباشر وسريع حيث يوجد الغرض الذي أُريد، وما أنْ أحصل عليه حتّى أخرج من السوق!.
ـ تِقلّ هذه الحِدّة قليلًا حين أكون مع عائلتي، بالنسبة لي أظنها تقل كثيرًا!، لكن وبما أن جميع أفراد عائلتي يرون أنني ممّن يُربكهم، بطلب الرَّوَاح!، فهم أصح رأيًا، ويستحقون تأكيد رأيهم بدلًا عن رأيي!.
ـ كان أمام عائلتي حل وحيد، وقد أوجدوه بسرعة، وإلا خرجوا وحدهم شاكرين لي البقاء في المنزل وعدم إزعاجهم!، كَمُنَ ذلك الحل في اختيار "مولات" وأسواق تضم مكتبات!. ولأنّها كثيرة والحمد لله، صار الأمر هيّنًا ليّنًا، بل ومريحًا للجميع!.
ـ في المكتبة أنسى الوقت، يمكنني النظر إلى رفوف الكتب فقط، دون مطالعة الكتب، لساعتين دون ملل، ليست الكتب فقط، أحب رؤية الأقلام، ودفاتر الكتابة بألوانها وأشكالها. الدفاتر الصغيرة تستهويني أكثر، ورغم أنني أمسك تقريبًا بكل أنواع الأقلام الموجودة، إلا أنني لا أشتري غير نوع واحد، رخيص نسبيًّا، أشتريه بكميّات كبيرة!. وأكون في أكثر حالاتي العائلية كرمًا، أمام أي مشتريات لهم من المكتبة!. وشيئًا فشيئًا صرت أحب السوق!.
ـ أنتَ محظوظ إنْ رزقك الله أحبّةً، يبتكرون لك ما يسعدكم معًا، ويفكّرون عنك بما يرضيك ويرضيهم، فإنْ لم تكن محظوظًا بمثل هؤلاء الأهل والأحبّة فاجعلهم محظوظين بك، وابتكر أنتَ طرائق ووسائل تجمع بينكم في سعادة ومرح!.
ـ والمحظوظ الحقيقي من كان أهله وأحبته محظوظين به!.
ـ في كتاب قديم، رائع، ضاع مني للأسف، لكن أفكاره بقيت في القلب، اسمه الحب ومن تأليف بوسكاليا أو "بوسكجاليا"، أتذكر نصيحة قريبة تنتج ما سبق ذِكْره. الكاتب نفسه كان يحب المشي على العشب المتساقط، لكن ذلك كان مزعجًا لأحبته وجيرانه، أوجد الحل: صار يجمع العشب المتساقط ويضعه على السطح ويمشي عليه، بذلك قدم ثلاث خدمات: إرضاء أحبته، والمساهمة في تنظيف الشارع، وممارسة المشي بالطريقة التي يحبها والتي أظن أنها كانت تُسهم في تدفّق الأفكار لديه!.
ـ بقيَتْ نقطة عن عناوين الكتب في المكتبات، الكتب الخليجيّة تحديداً!، فقد لاحظت أن كثير، كثير جدًّا منها، يحمل عناوين باهتة!، كأنها فضفضة لغراميات مأمولة أو فاشلة!. لن أذكر شيئًا منها خبط لصق، لكنها عناوين تشبه: "تعالي فقد طال الانتظار"!، "لن أعود إليك"!، "أنتظرك الخامسة مساءً في المكان نفسه"!، الخ..!
ـ لهؤلاء الكتّاب، أقول بعد التّحيّة والشكر والامتنان لمساهمتهم في النشاط الكتابي: أرجوكم، حاولوا ألا تكون عناوين كتبكم ساذجة ومُمِلّة إلى هذا الحد!، مثل هذه العناوين مُنَفِّرة، لا تسمح لنا حتى بالتفكير في اقتناء الكتاب!.
ـ أدري أنها عناوين كاشفة لما في هذه الكتب من محتوى، وهي بالتالي أصدق وأقل خداعًا، لكنني كقارئ أرجوكم: اخدعوني، وتحايلوا عليّ، وابتكروا عناوين أدبيّة جيّدة حتى لكتبكم الرديئة!.