2017-11-30 | 04:07 مقالات

أهل التفكير وأهل التصوير!

مشاركة الخبر      

 

 

 

 

 

هل يحق للأديب، المثقّف، المُفكِّر عمومًا، أن يعرف مُسْبَقًا، أسئلة البرنامج التلفزيوني الذي يستضيفه؟

 

ـ رأيي: نعم، ونعم كبيرة "من هنا إلى هناك"، ربما ليس من حقّه فقط بل من واجبه أيضًا.

 

ـ سأقول "المفكِّر" بهدف أن يشمل الوصف كل مبدع حقيقي، وأُكمل: من حق المفكِّر، ومن واجبه، معرفة الأسئلة مُسْبَقًا، على الأقل معرفة المَحَاوِر الرئيسيّة، التي لا بأس من أن تتفرّع عنها ومنها أسئلة صغيرة، للإحاطة بالموضوع لا للانقلاب عليه، ولا لسحبه خارج أرضه.

 

ـ لا يقف المفكِّر الحقيقي لكاميرات الإعلام لعرض ابتسامته وجميل مُحَيّاه،.

 

ـ ولا يُفترض فيه قبول أي حوار لتعبئة وقت تلفزيوني فارغ، كما أنه ليس مادّةً للتندّر وإحراجات تحاكي بعبطها مناخات برامج الكاميرا الخفيّة.

 

ـ يُستضاف، فيقبل، لأنّ هناك موضوعًا محدّدًا، ولديه ما يقوله بشأنه وفي خصوصه، ولأنه يثق على الأقل بأنّ ما لديه في هذا الشأن، جديد أو استثنائي، يضيء فكرةً، أو يشير إلى زاوية تناول جديدة.

 

ـ ليست مشكلة المفكِّر، تلك الضحالة التي ربما استسلم مقدّم البرامج التلفزيونيّة لها، ويريد ليس البدء منها فقط، بل وتزييف المشهد كله بتمريرها طوال وقت البرنامج، وكأنها الأصل،.

 

ـ ولا هي مشكلة المفكِّر المثقف، طمع البرنامج بالحصول على عدد أكبر من المشاهَدات، والالتفاف حول ذلك بطرح أسئلة فارغة، أو شديدة "الوقتيّة" لكسب ضحكة أو فضيحة أو إثارة خلافات عابرة، أو للحصول على نتيجة استفزاز صالحة للفُرجة!.

 

ـ لا بأس أبدًا، في حالة "استهبال" تلفزيوني، أو إعلامي عمومًا، من أن يقول المفكِّر: ليتنا اتفقنا على هذه النقطة قبل البثّ، ليمكنني التفكير فيها أكثر وحصرها في كلمات أقلّ عددًا وأكثر قدرة على الشرح.

 

ـ لا يعيب المفكِّر أن يتوقّف، ولا أن يمتنع عن الرّد، الاستسهال هو المَعيب.

 

ـ الوقت بالنسبة للتلفزيون والإذاعة سِلعة، تعليب للهواء وبيعه بمعنى الكلمة، ومن المُحزِن أن يشارك المفكِّر في هذه البهلوانية، نمور السيرك وأسوده، لا هي نمور ولا أسود.

 

ـ أمنية المبدع في أن يصل نتاجه لأكبر عدد ممكن من الناس، أمنية طيبة وبريئة ومشروعة، وكذلك رغبة المفكِّر في إيصال صوته، أفكاره وحججه، لأكبر عدد من الناس، هي أيضًا رغبة طيبة وبريئة ومشروعة، لكن ذلك الطمع الجُّوّانيّ بأنْ يكون أحدهما نجمًا جماهيريًّا، طمع قاتل.

 

ـ الجماهيريّة الطاغيّة، طمع يسحب أهل الفكر والإبداع إلى سباقٍ لن يكسبوه حتى لو خسروا أنفسهم.

 

ـ نسبة الـ 30 مليون مشاهدة على اليوتيوب، تتطلّب "استهبالًا" لا يليق بمفكِّر، وسفاهةً حتى فيما لو حاول تعلّم لغتها، فلن يتقنها.