2017-09-28 | 04:11 مقالات

تبخّر الوهم!

مشاركة الخبر      

 

 

حوادث السّيْر لم تحدث في الشارع، حدثت في تويتر وشبكات التواصل!. 

 

ـ كان أمرًا متوقّعًا: أمر سامٍ يحمل قرارًا تاريخيًّا، جاءت به أيام الحزم والعزم الخلّاقة، نافضةً الغبار عن مسألة في غاية البساطة، وعن حق مجتمع متعلّم، لم يكن في يوم من الأيام محصّنًا ضد الشكوك في ذاته وقيادته أكثر مما هو اليوم، مجتمع طموح، نابض بالحياة، مجتمع يمكن اختصار فعاليته بكلمتين: قادر ويريد!.

 

ـ لم تكن مسألة قيادة المرأة للسيارة، مسألة دينيّة أو لا دينيّة، لم تكن مسألة إيمان أو كفر!، غير أنّ من يريدون سلطةً فوق سلطة القانون، وحكمًا فوق حكم الدولة، استثمروا مثل هذه الصراعات طويلًا!، كل الحجج والتأويلات كان يمكن قلبها رأسًا على عقب، والمناداة بنقائضها، فيما لو كان الأمر في صالح "أجنداتهم"!،.

 

ـ وقد كان التسامح رهان الدولة إلى حين، الآن وصلنا نقطة هذا "الحين"!، لن يأخذ أحد مكان الدولة، وهي وحدها المسؤولة عن تشريع القوانين وفرض سلامة تطبيقها وأمانها!.

 

ـ في يوم من الأيام مُنعت جوّالات الكاميرا!، وقبلها انبرى قنّاصة ببنادق بدائية لصيد "الأدشاش "على وزن الأعشاش"!، وقبل ذلك بكثير تم الاعتراض على تعليم المرأة: كانت واحدة من الحجج أن تعليمها سوف يمكّنها من كتابة رسائل عشق!.

 

ـ هيئة كبار العلماء كانت جذرًا للقرار التاريخي، للقفزة الحضارية التي لا تجعلنا أكثر تقدمًا على العالم بالطبع، غير أنها تجعلنا معه، على نفس الخط، لنتمكن من سباق حضاري عادل، ويمكن كسبه!،.

 

ـ لا شيء في المملكة العربية السعودية يخرج عن الشريعة، المسألة وما فيها أن تقنين هذه الشريعة لم يعد نهبًا للفوضى والأهواء والمصالح الخاصة!.

 

ـ لكل مجتمع خصوصيّته، ومن بين كل الأوطان، للسعوديّة خصوصيتها الأكثر وضوحًا، غير أنّ للفكر السياسي المستنير اليوم ما يُخلّص هذه الخصوصيّة من كل تهمة بعدم قدرتها على التقدم ومواكبة الحياة والتطلع نحو الغد بعيون أحدّ بصرًا وبقلوب أشد ثقةً وبعقول أكثر تسامحًا وتفهّمًا وانفتاحًا، مع المحافظة على ثوابت الدين الحنيف، وهل هناك محافظة على العقيدة الصحيحة أكثر من تخليصها من كل شائبة؟!، ومن عدم الثقة بقدرتها على مواكبة الحياة؟!.

 

ـ المسألة ببساطة: كان هناك من لا يقدر على المواكبة والتقدّم، فكان يظلم الدين والشريعة، بطلبه من الدنيا أن ترجع للحظة تاريخيّةٍ عاشتها هذه الشريعة، يبدو الأمر محمودًا، ونواياه طيبة، لكنك حين تحقق وتدقق فيه تكتشف أن مثل هذه الدعوات والطلبات لم تأت ثقة في قدرة الشريعة، بل في الظن بعدم قدرتها على المواكبة واللحاق!.

 

ـ اليوم تنجلي غمّة ويتبخّر وهم: الشريعة قادرة على اللحاق والسباق، هي التي تدخل في حركة الحضارة وتتعامل معها بما ينير القلوب والدروب، غير مضطرةٍ لسحب الغد إلى ما قبل الأمس بكثير!.

 

ـ لم ينتصر أحد على أحد: الدولة انتصرت لنفسها ولشعبها، انتصرت ليومها وغدها على أمسها، بمباركة من هذا الأمس، وبتقديرها له وحفظها لمكانته كجزء من تاريخها، انتصرت لما خُلِقت له من تدابير تُيسّر على الناس بفضل من الله العلي القدير.

 

ـ حوادث السّيْر التويتريّة، لن تُفلح في قطع الطريق!، ومحاولات الدهس التويتري مضحكة بقدر ما هي مخجلة!، وهي في الحالتين تخسر: إن اعتبرناها قليلة فهي تأكيد على موافقة شعبية وترحيب كبير، وهو ما أظنه وأعتقده، وإنْ اعتبرناها كثيرة، فكثرتها لا تصدح بغير المطالبة بالأمن وحفظ التقاليد، حسنًا إذن: طالما أن كثيرًا يطالبون بذلك، فإنهم حتمًا الأولى بحفظ هذا الأمن وتلك التقاليد الكريمة، وستكون الأمور بألف خير إنْ كانت أفعالهم مطابقة لكلماتهم!.