2017-10-04 | 04:22 مقالات

ترجمة الترجمة!

مشاركة الخبر      

 

 

‏يُحتفل بيوم الترجمة، وأحتفل:

 

ـ مثلي، لا يعرف إذا ما كانت ترجمات الكتب جيّدة أم رديئة، فأنا لا أعرف اللغة الأصل لما يُترجم، لكنني أحكم، مرّات أبوح بحكمي وأُبقيه بيني وبيني مرّات!، أُقيم أحكامي على قليلٍ من المعرفة والفهم، وعلى كثير من الاحتمال والحَدَس!، على قليلٍ من المُقارَنة والقياس، وعلى كثيرٍ من الثقة والظّن!.

 

ـ من قليل المعرفة والفهم: أقرأ جملةً في كتاب، أعرف أنها غير مصاغة بشكل صحيح، أفهم ما تريد قوله لكنها لا تقوله، وأحياناً لا أفهم ما تقوله، لكنني أعرف أن سبب عدم فهمي مَردّه الصياغة وليس المعنى!.

 

ـ في كتب المعرفة العامة، لا يكون الضيق قاتلاً، إذ كثيراً ما تتكرر الأفكار، وتتلاقح، فما قرأته مترجماً هنا بطريقة ظننتها سيّئةً، أقع على معناه، وأسبح في فضاءاته، في كتب أخرى تتناول  الموضوع ذاته. المشكلة في الروايات: أدوخ في خليط مشاعر، أقلّها متابعة الأحداث، وأهمها مشاعر الشخصيات، والتفاتاتها الصغيرة وما تقول وما تريد أنْ تقول!.

 

ـ أحياناً: عليكَ أنْ تُترجم الترجمة، بحسب فهمك ولغتك وإحساسك وظنّك وربّما أمانيك أيضاً!.

 

إنها عقوبة الجهل وقلّة الدراية والمعرفة، لكنها أيضاً جائزة الموهبة القرائية، وهديّة القليل من الفهم!، تكاد تكون هي الحَدَس، لكنه ليس في أبهى حالاته وحُلَلِه!.

 

ـ الحَدَس في أفقه البهيّ، حين تقرأ ترجمةً، فتطير بك الكلمات، وتشعر أنّ الجُملة قُدَّت من، أو حُفِرت في، حجارةٍ تمنّتها فأسك!.

 

ـ يحدث هذا في كثيرٍ من الكتب، ما لم تكن شعراً!.

 

في الشعر: أقلّ القليل هو ما يمكنك الحصول عليه مترجماً بمهارة ونضارة وقدرةً على التفتّق كأن الكون كله يُخلق من جديد!.

 

ـ مُترجِم الشعر أكثر أهل الترجمة مجازفةً، وأقربهم إلى السّيركيّة: عليه أن ينسى وأن يتذكّر في اللحظة نفسها أنه شاعر ومترجم معاً، أن يفصل بين الأمرين وأن يُوصِل بينهما في حركةٍ واحدة!، ألا يكف عن الرقص على الحبل المعلّق وألا يقع!.

 

ـ الشعر لا يُترجمه إلا شاعر، والشعر الفخم لا يترجمه إلا شاعر فخم، وأقول ما هو أكثر: الشعر لا يقرأه حقّاً إلا شاعر!. قارئ الشعر الحقيقي شاعر حقيقي حتى وإن لم يكتب حرفاً واحداً!.

 

ـ فماذا عن الثقة في ترجمة الكتب؟!،كل كتاب لا يحمل اسم مترجمه صريحاً وواضحاً، هو كتاب مُهْدَر، ولا قيمة حقيقيّة له، بيع كلام!، الاكتفاء بكلمة مثل: ترجمة دار كذا، مثلاً، كلمة سائبة، وفي الغالب هي عبط تجاري وفهلوة سوق!.

 

ـ اسم المترجم أول وأهم دليل على احترام الكتاب الأصلي والمترجم والقارئ وعلى احترام دار النشر لنفسها أيضاً، غياب الاسم يشعرني دائماً بأن صاحب دار النشر التفت لمترجم غير ذي قيمة وقال له: أمامك ثلاثة أيام بالكثير، هات لنا الخلاصة وخذ فلوسك!.

 

ـ هذا عن الثقة في غيابها، أمّا عن الثقة في حضورها، فإنني مثلاً، أقتني قدر استطاعتي كل ما يترجمه صالح علماني، وأُعامِل ترجماته معاملة أصولها فيما لو كنت قادراً على الوصول إلى هذه الأصول: هذا "العلماني" صالح فعلاً!.