ياثقل دم الفوز
حضرت زواج صديق عزيز جدا في واحدة من أفخم صالات الأفراح بالرياض. كان كل شيء مثاليا بمعنى الكلمة .. الأكل، الدخون، القهوة وأهل العروس ..الله ما أروع أهل العروس. أما العريس فلم يكن سعيدا رغم أن كل أصدقائه وأقاربه حاضرون. اقتربت منه بعد العشاء ووشوشته في أذنه "أنت مغصوب على الزواج ياخوي؟". هز رأسه وقال "لا والله بس خوينا خميس ما جا". لدينا مشكلة حقيقية في أننا لانعرف كيف نفرح. حتى في المناسبات السعيدة نفتش عما ينكد علينا ويسرق فرحتنا. لا أجد سببا واحدا لحالة الغضب والاحتقان التي كنا عليها بعد مباراة منتخبنا مع المنتخب الإندونيسي لدرجة أن من سمع نبرة الغضب والسلبية التي غلفت الأصوات يعتقد أن منتخبنا قد خسر المباراة وبنتيجة مذلة. والحقيقة أن منتخبنا حقق فوزا مهما خارج الديار وتصدر مجموعته بست نقاط من مباراتين وهو أقصى عدد نقطي يمكن أن يصل له فريق من مباراتين. أنا مع النقد القوي والصريح والمباشر عندما يخفق المنتخب في بطولة أو حتى مباراة، لأن الإخفاق يستفزنا ويجعلنا نجود بما لذ وطاب من كلمات النقد المغرية .. متعة ما بعدها متعة. أما الغضب من الفوز خصوصا في مرحلة (نتشفق) فيها أي دفعة معنوية لهذا المنتخب المحبط فمبالغة في غير محلها. أعرف أن الفوز(دمه ثقيل) على المحللين والإعلاميين لأنه لايوزع كما توزع الهزيمة، فالهزيمة مثيرة وتساعد المحلل على الإبداع وإطلاق رشاش خياله في كل الاتجاهات. فالإدارة فاشلة والمدرب سباك واللاعبون يحصلون على الملايين ولايقدمون ما تقدمه جدتي. لدينا ألف مفردة ومفردة للهزيمة وليس لدينا مفردة واحدة للفوز. لذلك ستبقى وجوهنا متجهمة بغض النظر عن النتيجة، بل إن الفوز يحبطنا ويغضبنا لأنه يحرمنا من سرد كل الكلمات اللاذعة ..الحادة .. الساخرة التي سهرنا ليلة المباراة نحضرها.