2016-10-07 | 04:53 مقالات

الخبر والرأي في الصحافة الرياضية

مشاركة الخبر      

أبسط مثال للتفريق بين الخبر والرأي : ذهب حمد إلى المدرسة، هذا خبر، بغض النظر عن صحة حدوثه من عدمها، تكتب نفس الجملة وتضع بعدها علامة تعجب، هذا رأي!، بغض النظر عن حسن نواياك من عدمها، للغة سلطتها، ودروبها الشائكة، من هذه الدروب أنه ليس هناك خبر لا يحمل في داخله رأياً، لكن هناك آراء كثيرة لا تحمل خبراً، كقولنا مثلاً: الحب لهفة!، هذا رأي يحمل خبرةً لا خبراً، لكن: " ذهب حمد إلى المدرسة"، خبر، ولأنه كذلك فهو حتماً يحمل رأياً، اختيار الذهاب وليس العودة هذا رأي، اختيار حمد دون سواه هذا رأي، اختيار الذهاب إلى المدرسة تحديداً هذا رأي، اختيار الخبر كله كعنوان، أو كمادة، طريقة النشر في أي صفحة وفي أي مكان من الصفحة، هذه كلها آراء، باختصار: كل انتقاء رأي، لكن جميع هذه الآراء مغلفة بالخبر، مُضمَرَة فيه، تتحرك خلفه ومن خلاله، وهو مُقدّم عليها، يحتويها أكثر مما تحتويه، نضع الآن علامة التعجب، يظل كل ما هو خبري: خبري، لكنه يتراجع بسبب هذه العلامة ليصبح خادماً مطيعاً للرأي، وتصبح الجملة، جملة رأي صحفي وليست جملة خبر صحفي!،.. كل مانشيت صحفي، يُهدِر كرامته ما لم تكن الخبريّة فيه سيدة الموقف، الزوايا مُستثناة، وهي موقّعة بأسماء كتّابها حجّةً ودليلاً على الاستثناء ووجوبه: الزوايا "المقالات" للرأي، كل مُنفْلِتٍ وعائمٍ في الصحيفة وغير ممهور باسم، هو خبر، أو يجب أن يكون خبراً، لكن وبعيداً عن التنظيرات الحاسمة، هل يمكن للصحافة الرياضية تحديداً أن يكون خبرها متسيداً وأن يكون الرأي المُضمَر فيه بحكم الضرورة، مقلّم الأظافر وأقل سطوة؟!، ظني أن ذلك غير ممكن، وهو أمر مؤسف، لكن ليست كل الحقائق سارَّة!، رأيي في الحياد قلته كثيراً، الحياد كلمة بلا معنى، خاصة داخل الكتابة، لو كان لكلمة الحياد معنى لانحازت إليه، ولو انحازت إليه لأفْنَت نفسها بنفسها!، وقد كنت ممن يرون أن "الموضوعيّة" هي الحل، لكنني حين أفكر بمصطلح "الموضوعيّة" أجده يصلح نقيضاً أو معارضاً لمصطلح "الذّاتيّة" وليس للحياد، الحياد لا نقيض له أيضاً لأنه لو كان له نقيض لكان له معنى، وكما قلنا: لو كان للحياد معنى لقتل نفسه بانحيازه لمعناه!، والصحافة الرياضية بشكل خاص: عاطفة، والعاطفة ليست موضوعيّة، و"الذاتية" فيها أصيلة، ما المطلوب من الخبر الصحفي إذن؟!، أظن المطلوب الأمانة والمنطقية، ولكل كلمة من الكلمتين حبلها الطويل والملتوي، لكن هذا هو المتاح أمام الصحافة الرياضية على صعوبته، بقية المصطلحات ليست صعبة فقط، هي مستحيلة أيضاً!،.. هل يقف الأمر عند الأمانة والمنطق؟ لا، لكنه يبدأ بهما ولا يحيد، بعد ذلك وأثنائه لابد من البراعة، كل جملة غير رشيقة هي جملة ليست رياضية، في الصحافة الرياضية ليس أسوأ من جملة مترهِّلة أو بِـ "كَرْشَة"!.