سامي الجابر: يا لجَسَارَة الرّهان!
حتى وإن بدا عمل سامي الجابر عملاً قياديّاً، تظل حقيقته الأجمل في كونه عملاً رياديّاً في المقام الأول!، في تجربة القيادة، أتمنى له التوفيق، حسب مجريات الأحداث التي أريدها أن تصب في مصلحتي كمشجّع، يخفق هنا، ينجح هناك، وهكذا، لكني حين أنظر لوجه العملة الآخر، إلى تجربة الرّيادة، فإنني لا أمتلك غير تحيّة تقدير وفخر وإعجاب، وسيل من أمنيات لا تبعد كثيراً عن توقعاتي له بالنجاح والتفوّق، وحين نجلس للكتابة فإنه من المعيب عدم التنبه إلى أن كرسي الكتابة ليس هو نفسه كرسي مدرجات التشجيع، هذا لا يعني أن نكذب في مشاعرنا، تزوير الأحاسيس عمل شائن، الهمجيّة أطيب منه رائحة!، لكن..،
يقول البدو: القِدر ما يركب إلا على ثلاث"، في ما يخص قِدْر الكتابة، وقْدْرَها، وقَدَرِها، معهم حق، قدر الكتابة: أسلوب، وزاوية رؤية، وإنصاف!،..
إن كانت قيادة سامي الجابر تخص نادي الشباب، فإن ريادته تعمّنا جميعاً!، سبقه غيره من اللاعبين إلى التدريب، لكن لنلاحظ: من كان منهم نجماً، ساطع الجماهيريّة، لم يُدرِّب في غير ناديه الذي كان يلعب له، ومن لم يكن منهم نجماً، واسع الضوء، فإنه جرّب، ودرّب، دون مخاطرة بفقدان شيء، يوجد نوع ثالث لا أريد الخوض في أمره الآن، يخص تدريب المنتخب، له ظروفه الخاصة، وله أحياناً مظلّة وبراشوت!،
تجربة وحيدة لم ننتبه لضرورة مدّها بزخم المؤازرة، تظل جديرة بالتقدير والمحبة، لم تكتمل تماماً، وتوقفت قبل أوان الوقوف، يمثلها خليل الزياني منفرداً،..
يحضر سامي الجابر، اليوم، بواحدٍ من أكثر الرّهانات جَسَارَة، نجم كبير، يتمتّع بمحبة جماهيريّة "هلاليّة خاصة" ذات فرادة، ويطرح نفسه مُدرَّباً، في تجربة حقيقية، لا تستند على تاريخه كلاعب، على النقيض من ذلك، تجربة تجازف بكل هذا التاريخ وهذه الجماهيريّة، الكبار وحدهم يفعلون ذلك، الكبار وحدهم لا يخافون السقوط، لأنه وفي أحايين كثيرة، لا دليل على أنهم حلّقوا عالياً، سوى هذا السقوط، ولأنهم يبدأون كل يوم حياة جديدة، مانحين الدنيا آفاقاً أوسع، برفرفة أجنحة جسورة وذات بأس،..
مشكلة سامي الجابر اليوم، أنه يدرب فريقاً صاحب بطولات، لو أنه درّب الباطن مثلاً، لكان البقاء في الممتاز نجاحاً كبيراً، لو أنه درّب الفيصلي مثلاً، لكان وصوله إلى نهائي كأس، ومركز متقدّم جداً في الدوري، نجاحاً باهراً، مع الشباب الأمر مختلف، وليس أمامه سوى طريقين: كسب بطولة، أو الفوز على كل الأندية صاحبة البطولات والجماهيريّة، بما فيها، وأهمها، الهلال، يا لجسارة التحدي: على سامي أن يُغضب كل الجماهير التي صفقت له، بحرارة عشق خالص، ليُولد من جديد،..
الرشفة الأخيرة من الفنجان:
تدريب سامي الجابر للمنتخب السعودي، فيما لو حدث، ليس دليل نجاح بالضرورة، دليل النجاح وشهادته الأكثر أهمية، أن يصبح سامي الجابر، مُدرِّبا تتمناه كل أندية الدوري السعودي، وتضع اسمه خياراً أولاً، بما فيها الاتحاد والأهلي، والنصر طبعاً!، أن يتمنى الهلال عودته، ويحلم الشباب ببقائه!، وسواء كان تحقيق هذا في مقدوره أم لا، يكفيه شرفاً أنه مسعاه ورغبته وطموحه وهدفه، ورهانه، "رهانه" هذه لوحدها تستأهل تحية عالية، بالتوفيق يا كابتن.