النصيحة الإلكترونية!
هل كانت حقّاً النصيحة بجَمَل في يوم من الأيام؟!، كل ما قرأناه أو سمعناه عن شراء النصائح، حكايات وقصص من الخيال الشعبي، لا أساس لها في الواقع، ولم تحدث حقيقة، أظنها كذبة ناصح!، كذب لأن شخصاً أو أكثر، رفض نصيحته وأعلن استثقاله لها!، النصيحة ثقيلة، حتى وإن كانت واجبة، وتعامل الناصح معها يجب أن يكون بحذر، المسألة تحتاج ربما إلى الفن أكثر من الحذر، وأظن أن كثيراً منا يستند إلى الحديث الشريف: "الدين النصيحة" بفهمٍ مُلتبِسٍ أو مقلوب، للشيخ ابن باز رحمه الله في هذا تفسير متدبّر، يصل بنا إلى أن "النصيحة هي الإخلاص في الشيء"، يقال في لغة العرب: ذهبٌ ناصحٌ أي ليس فيه غش، ثم أن الدين الذي هو أمر الله ونهيه، يجب أن يمر على شكل نصيحة، هذا خلق رفيع، سلام ومحبة وحريّة وتسامح، البعض يفهمه خطأً، يتصرف وكأن النصيحة دين!، وأن عليك أن تتبع نصيحته وكأنها دين، إما أن تعتقد ما يعتقده وإما الضّلالة!.
مشكلة النصيحة الإلكترونية، والحديث هنا يعمّ ويخصّها، أنها لا تناقِش ولا تُحلِّل ولا تتأمّل، تقفز فوق هذا كله، وتحكم!،..
لا أُنكِر أطايب النصيحة، فقط أريد تحريرها من مختطفيها، الذين يسيئون لها، بغفلتهم عن آدابها، أو بتجاهلهم لهذه الآداب، ظنّي أن أول هذه الآداب أن تُطلَب منك، يمكننا النصح بشكل عام، للجميع، دون توجيه كلام محدد لشخص محدد، يمكننا تقديم مثل هذه النصائح والوصايا، دون طلب، ودون حرج، مع حفظ آدابها وحقوقها، هنا تكون رأياً حتى وإن أخذ شكل النصيحة، لكن النصيحة الخاصة لإنسانٍ بعينه، تكون "حشريّة" ليس إلا، ما لم تُطلَب!،..
حتى فيما لو أردنا نصح أولادنا، فإنه علينا استغلال كل مَكْرٍ طيّبٍ، حتى نصل بهم إلى طلبها، أو إحساسهم بأنهم طلبوها،..
"وإن وجدت رجلاً يشتري بضاعة وأعرف أنها مغشوشة، هل أسكت لأنه لم يطلب نصيحتي"؟!، ردّي: هذه شهادة وليست نصيحة، والشهادة لا تُكتم، ثم أننا لو بحثنا في أي قولٍ أو كتابة، عن استثناءات، أو أقحمناها بحالات خاصة، واحتمالات نادرة، فلن نخلص!،..
قال أيش؟، قال النصيحة بجمل!