2016-11-11 | 04:45 مقالات

العذابات.. العابرة والمجرّدة!

مشاركة الخبر      

يمكن لأحدنا أن يحزن منفرداً، معزولاً، غير أنه لا يمكن لأحد أن يسعد ويفرح ويبتهج دون صُحبة، يمكن للحزن أن يكون أنانيّاً، وهو كلما كان كريماً صار أكثر بخلاً!، ولا يمكن للفرح غير الإيثار، وغير أن يكون سخيّاً، البذل يُسعد، والسعادة بذّالة!،
والعذابات أنواع، أتحدث عن نوعين منها، العذابات العابرة، والعذابات المجرّدة، الحزن تُنتجه العذابات العابرة ويُنتجها، قليلاً من العذابات العابرة لا تُنتج حزناً، وهي غالباً عذابات عشّاق!، وليس من الطّيب التحدث كثيراً مع الناس، بما فيهم المقرّبين، في هذه العذابات، على الأقل لا تفعل ذلك إلى الحد الذي يبيح لهم تصنيفك بالشَّكَّاء!، ستحتاج يوماً إلى بث شكواك فعلاً، وإلى مناجاة أحدهم بما في وجدانك حقاً، وستجدهم جميعاً، يتركون لك مجالاً للكلام، لكن دون أن يستمعوا إليك، يحبونك وبودّهم مشاركتك، لكنك أرهقت اللحظة الحقيقية بلحظات سابقة كثيرة، أثمَرَتْ تعوّدهم على شكواك، فلا يقدر أحد منهم مشاركتك بما يرضيك حقاً!،
النوع الثاني من العذابات، هو العذابات المجرّدة، وأقصد بها عذابات الأسئلة والشكوك والظنون بما هو مطروح كواقع أو حقائق، في هذه الحياة وهذا الكون، هذه عذابات مشوِّقة، تفتح الآفاق نحو أحاديث، وأفكار، طيّبة ومتجددة، وهي عذابات من يريد أن يسمع لا من يريد أن يتكلّم!، تكتشف بها نفسك، وتُكرم الآخر بإمكانيّة اكتشافك واكتشاف نفسه من جديد، عذابات القلق الخيِّر البسيط العميق، الالتقاء بأصدقاء وأحبة، من هذا النوع، أصدقاء يزيدون العذابات المجرّدة، ثراءً وخصوبة، أصعب بكثير، من الحصول على غيرهم من الأصدقاء والأحبة الذين يمكن لك بث العذابات العابرة إليهم، صحيح أن العذابات العابرة، تثير إن طالت الملل، وتُحرّض على الجفاء، لكن أهلها أكثر بكثير من أهل العذابات المجرّدة، والمحظوظ من لديه عدد منهم، لن تحظى عموماً بأكثر من اثنين أو ثلاثة في هذا المجال!، ثلاثة رقم له اعتباره في هذه الحسبة، هنيئاً لمن كان لديه هذا العدد من أحبّة العذابات المجرّدة، وأسعد الناس من كان لديه أهل وأصدقاء وأحبة من الصنفين، لكن من كان له وافر نصيب من الصنفين، لا يحق له أن يكثر من عذاباته العابرة، إنه يسيء إلى كنزه، ويُخطئ في حق الصحبة والأحبة والقُربى الكريمة الطيبة، وأما بنعمة ربّك فحدِّث.