البلطان خسر المباراة .. وكسب الاحترام

كثيراً ما تكلمنا عن ثقافة الخسارة ولا تزال أصواتنا وأقلامنا تكرر تجسيد هذه الثقافة ليست حباً في الانهزامية أو عشقاً في الخسارة ولكن من باب احترام الفريق المنافس وان ثقافة الخسارة وتقبلها بروح رياضية يجب أن يغرس في اللاعبين قبل ثقافة الفوز لأن الرياضة ومن بينها كرة القدم فوز وخسارة .. وكم من المباريات النهائية العالمية ومن بينها مباريات نهائية على كأس العالم شاهدنا فيها الخاسر وهو يبارك للفائز ولعل الجماهير العاشقة للكرة تتذكر تصرف اللاعب الفرنسي الشهير زيدان في نهائي مونديال 2006م في ألمانيا عندما نطح الإيطالي ماترازي في حركة غير أخلاقية فقد بعدها زيدان احترامه من الجماهير وأفقد فرنسا فرصة الفوز بكأس العالم.
وعلى مستوى دورينا لا تزال الجماهير السعودية تتذكر الفوز الشبابي الساحق على الأهلي في الموسم الماضي بستة أهداف ويومها باركنا للشباب وانتقدنا لاعبي الأهلي على مستواهم وتصرفهم ولم يكن أمامنا إلا نقل الحقيقة التي شاهدها الجميع على التلفاز وهي الخسارة التي عجلت برحيل إدارة أحمد المرزوقي .. وعلى الرغم من أن الخسارة كانت مؤلمة وقاسية بحق الأهلي إلا أنني طلبت يومها لاعبي الأهلي بالتعامل مع الموقف بروح ثقافة الخسارة .. ويوم أمس الأول الخميس تجدد اللقاء بين الأهلي والشباب في جدة في الجولة الدورية المحترفة الثانية وحقق الأهلي الفوز الذي اعتبره الجمهور الأهلاوي رد اعتبار سريع أمام فريق محترم في مكانة الفريق الشبابي الذي أشاد به كل عاشق للفن الكروي الراقي واستحق لقب أغلى البطولات وهي كأس الملك للأندية الأبطال بفوزه على الاتحاد المتمرس.
وكما امتدحت لاعبي الشباب يومها بكل ما أملك من أدوات الثناء والمدح فإن التعامل مع الموقف يحتم عليّ أن أوجه انتقاداً أخوياً لمهاجم الشباب ناصر الشمراني الذي دافعت عنه بكل بسالة بعد استبعاده من صفوف المنتخب السعودي الأول مؤخراً بحكم أنه هداف الموسم المنصرم .. لكن تصريح ناصر الشمراني ضد الأهلي ولاعبيه بعد خسارة أمس الأول كشفت لي أن قرار استبعاده من المنتخب يبدو أنه لم يكن بسبب أمور فنية بقدر ما هي بسبب عدم سيطرته على نفسه وكلامه على الهواء وهنا أعود وأركز على أن ثقافة اللاعب واحترامه للآخرين هي النصف الآخر لنجومية اللاعب داخل الملعب .. فالكلام الذي أطلقه ناصر الشمراني ضد فريق عريق وفريق بطولات مثل الأهلي لم يكن لائقاً من مهاجم كبير، وكنت أتمنى لو أن ناصر اعتذر من المذيع الميداني لقناة art على طريقة (قل خيراً أو اصمت).
وماذا يقصد ناصر عندما يقول إن لاعبي الأهلي تعودوا على التمثيل والسقوط عند الفوز وعند الخسارة .. وأعتقدُ أنه من حق كل لاعب أن يستغل القانون لصالحه مثل إضاعة الوقت وليس أكثر من المهاجمين براعة في التمثيل في الضحك على التحكيم من أجل ضربة جزاء.
وفي المقابل كان الحارس الشبابي الصاعد وليدعبد الله أكثر انفعالاً من ناصر الشمراني وهو حارس واعد بالفعل وما يقال عن ناصر ينسحب عليه، فالنجوم كلامها محسوب عليها .. والكلمة على الهواء كالرصاصة إن خرجت لن تعود وكالزجاجة إن انكسرت لن تجمع مرة أخرى .. وكم كنت أتمنى من ناصر ووليد وكل لاعب لا يعترف بثقافة الخسارة ويتوهم أن الرياضة فوز فقط أن يتعلم من تصريح رئيس الشباب الرائع خالد البلطان الذي خرج على الهواء بعد الخسارة من الأهلي ورفض تصريحات لاعبيه، مؤكداً أن الحكم خليل جلال كان جيداً في إدارته للمباراة وكان البلطان صريحاً وواضحاً عندما قال إن ضربة الجزاء الأهلاوية صحيحة مستدلاً على مشاهدته لها في الإعادة التلفزيونية من مقصورة الملعب .. وان طرد لاعب الشباب نايف القاضي صحيح وان حسن معاذ يتحمل مسؤولية هدف الأهلي الأول .. ونجح البلطان بواقعيته في كسب احترام الجميع من الأهلاوية وغيرهم .. ومن الذكاء انك إذا خسرت المباراة فلا تخسر احترام الآخرين لك.