دوري يتحصن احترافياً
لم تكن هناك مبالغة في وصف قرارات اتحاد كرة القدم السعودي الأخيرة (بالتاريخية) لأنها تمثل أكبر نقلة نوعية في تاريخ الكرة السعودية، فمنذ أن اتخذ قرار إنشاء هيئة دوري المحترفين اتسعت دائرة الحراك الكروي، وكانت الخطوات الكبيرة المتلاحقة لهذه الهيئة اللبنة الأساسية التي أدت إلى القرارات التاريخية، والتي كان أبرزها زيادة عدد فرق الدرجة الممتازة إلى 14 والأولى إلى 16 والثانية إلى 20 علاوة على تحويل كأس الأمير فيصل إلى فئة 21 عاماً وإعادة تشكيل اللجان بما يتواكب مع التطور الحاصل.
كان قرار رفع أندية الممتاز إلى 14 نادياً هاماً جداً، ليس لأنه يمثل خطوة إضافية نحو بلوغ شروط الاحتراف التي حددها الاتحاد الآسيوي، وحسب، بل لأنه أيضاً يتماشى مع ترامى أطراف المملكة وتنوعها الاجتماعي والجغرافي وإمكاناتها البشرية والمادية مع تواجد قيادة رياضية دؤوبة وديناميكية تتفاعل مع التطور الحاصل في الخارج، أقله على صعيد القارة الآسيوية.
ومما لاشك فيه أن رفع عدد مباريات دوري زين للمحترفين من 132 إلى 182 أي بزيادة 50 مباراة، يضفي على الدوري حيوية أكثر وبالتالي يزيد في فعالية النقل التلفزيوني ومردوده، وفي تحفيز فرق المناطق الصاعدة حديثاً والتي أبقاها قرار زيادة الأندية في مواقعها، ولما لهذه الأندية وتلك من قواعد جماهيرية، مما يسهم في جعل الدوري السعودي أبهى وأقوى وأشمل.
وأعتقد أن نجاح تجربة الـ14 ستسهم في التفكير جدياً للوصول إلى الـ16 إن لم يكن العام الثاني فالعام الذي بعده، نصل إلى الصيغة التي تتطلبها شروط دوري المحترفين الآسيوي بالكامل لناحية عدد المباريات.
أما لناحية استيفاء الشروط الأخرى المتعلقة بتحويل الأندية إلى كيانات مستقلة فالخطوات التي اتخذت حتى الآن، تعتبر مثالية، وهذا ما أقر به محمد بن همام رئيس الاتحاد الآسيوي، الذي (تغنى) في مناسبات عديدة بالخطوات السريعة والمتلاحقة التي اتخذتها المملكة في هذا المجال.
وفي رأيي أنه من الطبيعي جداً أن يكون عدد أندية الممتاز في المملكة 14 وما فوق، إذ ليس منطقياً أن يكون عدد الأندية السعودية الممتازة مماثلاً لنظيراتها في باقي الدول الخليجية أقله من الناحية السكانية والجغرافية.
لقد شكك البعض في إمكانية تحول الأندية السعودية إلى كيانات مستقلة، ولكن ما قامت به هيئة دوري المحترفين حتى الآن فتحت ثغرة كبيرة في ذلك الحائط الذي كان يعتبر إلى وقت قريب مسدوداً.
فدوري المحترفين (زين) بات يحقق أرباحاً ولم تعد الحكومة تتحمل أعباء في هذا المجال، وهذا (الوفر المالي) سمح بالاستعانة بشركات متخصصة بإعادة هيكلة الأندية وتطوير المحاسبة وإيجاد بوابات الملاعب الإلكترونية، إضافة إلى بعثات للخارج لتدريب الكوادر الإدارية، ودورات تدريبية للحكام والمدربين، وتنظيم مهرجانات البراعم.
كل هذه الخطوات التي نفذت بفترات قياسية، أدت إلى اعتماد أربعة فرق سعودية في دوري المحترفين الآسيوي، وبالتالي انتقال فريقين منها إلى ربع النهائي بعد تصدرهما مجموعتيهما، وهذه الخطوات المتخذة والخطوات التي ستليها التي ستنجم عن القرارات التاريخية ستجعل تأهل منتخب المملكة للمونديالات أمراً بديهياً.