خطبة الوداع
أذكر أن والدي يحفظه الله كان يعمل في الحرم المكي الشريف وكان يأخذني معه طفلاً لكي أتعلم القرآن الكريم تارة وتحسين الخط تارة أخرى في أروقة بيت الله وسبحان الله كبر والدي وتقاعد عن العمل في البيت العتيق ولكنه لازال متواجدا هناك من أجل العبادة وصرت أنا من يذهب به إلى الحرم بالسيارة إذا ما تواجدت في مكة المكرمة
ـ ودائماً حينما أذهب به فهو يمازحني قائلاً : سبحان الله هل تذكر يا عوض كنت أحملك للحضور معي للحرم طفلاً صغيراً وصرت أنت من يذهب بي للحرم ويمسك بيدي !
ـ لن أسرد لكم قصة حياتي ولكن من باب الخشوع في هذا اليوم العظيم أذكر أن والدي الذي لايقرأ ولا يكتب كان يستمتع دائماً بقراءتي له كطفل بخطبة حجة الوداع لرسولنا الكريم التي كانت موضوعة في كتاب المطالعة في الصف الرابع الابتدائي
ـ وكنت أشعر بأن والدي أثناء قراءتي له هذه الخطبة يستحضر هذا اليوم العظيم وماقاله رسولنا الكريم من وصايا مهمة لأمته وصرت كلما يأتي يوم عرفة أتذكر والدي وهو يبكي من هذه الخطبة
ـ ومن يتمعن في خطبة الرسول في يوم عرفة يرى أنها شملت دعوته كاملة والتي كان قد دعا بها الناس سنوات طويلة في خطبة واحدة
إذ بين فيها رسولنا الكريم التوحيد لله خالصا وحرم دم المسلم على المسلم ونهى عن الربا وحذرنا من خزي الشيطان وأوصى بالنساء خيراً وبين أنه لا فضل لعربي ولا أعجمي إلا بالتقوي
ـ وان كانت عبارته التي لابد وان تخشع لها قلوبنا حينما قال : إني قد تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعده أبدا كتاب الله وسنة نبيه، ألا هل بلغت ... اللهم فاشهد.
ـ ولا نقول إلا كما أوصانا شفيعنا وحبيبنا محمد عليه افصل الصلاة والسلام بأن نقول في هذا اليوم : اللهم إنك عفو تحب العفو فاعفو عنا.