ليلة الخليج الرياضي
في خضم التحديات المحيطة بالوطن الخليجي على مختلف الأصعدة تبرز دوماً "كأس الخليج" لتضع حدا فاصلا فيما بين الجد واللعب .. حيث تستعد العاصمة الرياض اليوم لتقدم ملمحاً جميلا في حفل قرعة بطولتها الـ"22".
نصف قرن تقريبا وهذا الالتقاء والفرح والإخاء يجمعنا ليثبت من جديد أن كرة القدم ليست فوزا وخسارة إنما هي ألفة وحضارة، نصف قرن وهذه البطولة التي لا معين لها تتحمل تبعات كل الأخطاء السياسية والأخطار الاقتصادية والأمنية رغم أنها لا تحظى بقبول لدى الطبقات الأرستقراطية في وطنها.
حاول البعض نحرها في أكثر من مناسبة .. والتقليل من أدائها الفني وعوائدها المادية .. وأهميتها بالنسبة للاعبين ومع هذا تحملت على عاتقها البقاء وإثبات أن ما يبهج أبناء الجيل لا يمكن السعي لإيقافه أو تعطيله فقد كانت أقوى من كل المحاولات.
الآن نجد أنفسنا أكثر تكتلا وتمسكاً بهذه البطولة، نجد كبارنا وصغارنا، متعلمنا وجاهلنا، بناتنا وشبابنا أكثر تمسكاً بهذه البطولة كتأكيد جديد أن كرة القدم ليست فوزا وخسارة، وأن كرة القدم السفير الدائم لبهجة الشعوب، وأن كرة القدم النافذة المتبقية ليتنفس الناس من خلالها تسلياتهم وبراءة حياتهم.
اليوم تسحب قرعة كأس الخليج بعد أن تغلبت على المنظرين والفلاسفة، مؤكدة أن من زرع الحب حتماً سيجنيه وأن هذه الفكرة ولدت في لحظة حب وبذرة حب ونقاء قلب وبقيت حتى يومنا هذا حيث أتى الوقت الذي نستظل بها ونحصد حلاوتها وجمال ألفتها، بقيت رغم أنها الوحيدة التي لم تنعم بما أنعم الله به على الخليج من خيرات فلا ولي لها ولا معين ولا مساند.
نعرف أن كرة القدم تطورت بشكل كبير بل وتجاوزتنا بمراحل وذاك لعمري أننا لم نكن نمنحها اهتماماً قدر اهتمامنا بسقطاتها والدخول في ثناياها وتحليل بواطنها، ذاك لعمري أننا امتزنا بفرض الشك ونظرية المؤامرة كجزء من تفاصيلها، بل إننا حملناها ما لا تحتمل حتى أضحت كائنا مسخاً والدليل أنه حتى هذه اللحظة لايزال يعتقد البعض أن الحكم تعمد فوز فريق على حساب الآخر.
كرة القدم تجاوزتنا بمراحل ومع هذا نبتت بعض الشتلات الجميلة في حدائقنا وظهرت روح المنافسة في الكثير من مبارياتنا واستطعنا أن نقبل بعضنا البعض في الكثير من المواجهات.
خلاصة القول إن كأس الخليج جزء من تراثنا وكل حضارتنا، وأن الحفاظ عليها وتطويرها والعمل على منحها الدعم اللوجستي من لجان وإدارات وتأسيسها على أنها اتحاد خليجي لكرة القدم خارج عن إطار سلطة السياسة كما يفعل الاتحاد الدولي بلعبته سيجعل الأجيال تتوارث منا على الأقل ما يشفع لنا.
الرياض ترحب في كل مرة بأبناء الخليج وهذا الوطن الفسيح هو الحضن الكبير لأمة الخليج العربي.