حكاية مجنونة لكاتب عاقل
يحكى أن كرة القدم ولدت يتيمة مجنونة بلهاء، ليس لها عائلة ولا اسم ولا وطن، نبتت تحت الأقدام كغرس له لون الورد وطعم المرارة، فيها من العاهات والعيوب ما جعلها تنفصل عن نفسها فتحولت إلى لعبتين واحدة دائرة والأخرى بيضاوية الشكل فتدحرجت الدائرية بين الأقطار كالنار في الهشيم وما مرت على قوم إلا وجعلتهم يركضون خلفها بل ويشكلون حياتهم على مزاجها ومزاجها ليس جيدا دوماً.
هذه التي نعنيها ونعاني منها ونعتني بها في سرد تاريخها نجدنا عاجزين عن معرفة مكان مولدها الأصلي، ففيه أكثر من رواية حيث عاشت في أوروبا ورقصت في أمريكا اللاتينية وأصابت العالم بحمى لعبتها ومطاردتها حتى يومنا هذا.
أورد هذه " الأحجية " حول البلاستيكية المجنونة كمدخل أسعى من خلاله لمعرفة أسباب " الجدل " الذي تعيشه ويكاد لا ينتهي فبرغم كل القوانين التي احيطت بتصرفاتها وتصرفات من يمارسها إلا أنها أبت أن تكون ضمن عائلة الألعاب الرياضية التقليدية ومع هذا التمعن الدقيق في كينونتها من الظلم أن نعتبرها جزءاً من منظومة الرياضة، فهي لعبة كأي لعبة فيها من المكر والدهاء والخداع والخطط والمال والارتزاق والاقتصاد أكثر من التدريبات وبناء الأجسام الصحيحة مما يجعلها تدور في فلك اللامعقول.
أنا عن نفسي مازلت متورطاً بها مرة أحسبها على السحر ومرة أقربها نحو الجمال والأدب والموسيقى والثقافة وأعتبر بعض مبارياتها كالملاحم الأدبية التاريخية أو المسرحيات الخالدة أو الأفلام السينمائية التي قد لا تتكرر.
لقد قادتني مشاويري نحو الكثير من الملاعب التي ترقص فيها هذه المعنية بالبحث والتحري وشاهدت مختلف المسابقات التي أقيمت حولها ولها وعليها وقلت في نفسي إنها تستحق أن تشارك في مسابقة "ملكة الجمال " لأنها أجملهم أو " مزاين الحب " لأنها أبلغهم، ومرات أخرى "أستعيذ منها ومن جنها".
الموسم الرياضي لدينا انتهى هذا إن كنا ندرك أن لدينا موسم رياضي غير كرة القدم ومع نهاية كل عام يخلد نجومها نحو الهدوء والسفر وتجديد طاقاتهم في حين يبقى عشاقها والمتورطون بحبها في شوق ولهفة لموسم جديد تدور معه هذه اليتيمة البلهاء علها تمنحهم مزيدا من "الثرثرة" ومزيدا من "الجدل" ومزيدا من "الأناشيد" وإن لم تكن في الكثير من المرات على هواهم.
كرة القدم هي هكذا حلاوتها أن تتقبلها بكل عللها بكل جدلها بكل ثرثرتها لأنه مع المزيد من الثرثرة مزيد من اللهفة والشوق.