هل سنحقق كأس العالم؟
من حق الجماهير السعودية أن تطمع في أن يكون منتخب بلادها رقمًا صعبًا وفريقًا تحسب له كل المنتخبات ألف حساب في مونديال روسيا 2018، الذي يقص الأخضر مواجهته الافتتاحية غدًا الخميس، في أكبر تظاهرة كروية عالمية، تحولت معها روسيا إلى وجهة مفضلة لعشاق الكرة وخيارهم الأول بلا جدال.
ولا أحد يستطيع أن يستكثر على الجماهير السعودية حقوقها المشروعة في الأحلام والتمني، ولكن هذا لا يعني أن تغمض تلك الجماهير أعينها وتضع حاجزًا يغيب الحقيقة ويخفي الواقع والفوارق الكروية الهائلة بين المنتخبات الآسيوية ونظيراتها في أوروبا وأمريكا الجنوبية معقل الفن والمتعة الساحرة.
والأخضر السعودي الذي يملك إرثًا جيدًا في الوصول إلى كأس العالم منذ تأهله الأول والتاريخي في مونديال 1994 بالولايات المتحدة الأمريكية، غير مطالب اليوم في واقع الأمر بتحقيق الكأس مثلاً أو حتى الوصول إلى أدوار متقدمة في هذه المنافسات التي هي أشبه بالمستحيلات إن لم تكن هي المستحيل نفسه.
وباستثناء المشاركة الأولى في أمريكا التي شهدت طفرة سعودية، جعلت من الأخضر محط أنظار الصحافة العالمية والمهتمين بشؤون الكرة، جاءت بقية المشاركات المونديالية للأخضر باهتة، ولا ترقى للظهور القوي الذي أحدث مفاجأة كبيرة واختلالاً في موازين القوى بالفوز الذي حققة المنتخب السعودي على المنتخب البلجيكي بهدف العويران الأسطوري، الذي مازال يتردد صداه في كل مرة تعود فيه كأس العالم لجماهيرها.
وعلى الرغم من أن السنوات الماضية شهدت انكسارات عدة على صعيد المنجزات للمنتخبات السعودية قياسًا بطموحات جماهيرها التي لا تتوقف عند حد، فإن أوضاعًا مختلفة تعيشها الرياضة بأكملها اليوم في السعودية وليس كرة القدم فحسب، وإن كانت الأخيره تستولي على قصب السبق بحكم شعبيتها الجارفة، يجب أن تكون محركًا مهمًّا في تحسين الأوضاع وانعكاسها على أرض الواقع. ولنأخذ مثلاً استعدادات المنتخب السعودي التي أقفل آخر ملفاتها أمس المدرب الأرجنتيني بيتزى وكانت بالفعل مرحلة قوية خاض فيها الأخضر مواجهات ودية دولية على أعلى مستوى، وكان فيها ندًّا لأكبر المنتخبات وأقواها على مستوى العالم.
وأعلم أيضًا أن سقف الطموحات الجماهيرية قد ارتفع كثيرًا بعد ودية ألمانيا الأخيرة التي خسر فيها الأخضر بصعوبة، وكان فيها قريبًا من تحقيق التعادل في الدقائق الأخيرة، وإنما يجب الحذر كل الحذر من المبالغة في الطموحات والأمنيات الجماهيرية.
وأعتقد أن مواجهة ألمانيا خلصتنا بالفعل من ذكرى سيئة ارتبطت بذاكرة الجماهير السعودية، ولكنها بالطبع لن تمنحنا تأشيرة التأهل إلى أدوار متقدمة أو حتى هزيمة الروس بسهولة، وهو المنتخب الأوروبي القوي الذي يلعب على أرضه وبين جماهيره.. هناك فرق بين الأحلام والحقيقة.