2019-03-24 | 21:44 مقالات

المتنبي الذي ننساه

مشاركة الخبر      

الكثير منا يحب شعر المتنبي، الحكمة وخبرة الحياة في قصائده مذهلة، نحن نكرر قراءة أبيات شعر المتنبي ونتداولها، غالباً نرددها لنذكر أنفسنا بمحتواها إعجاباً لكن ذلك لا يعني بأننا نلتزم بهذا المحتوى، الإنسان بطبيعته يبقى بداخله ذلك الطفل الذي يحب تجربة الأشياء، الفارق أن نتائج تجارب الطفل يتحملها أبوه وأمه أو أسرته، أما تجارب الإنسان الكبير الفاشلة فتأتي على "دماغه".
ـ الإنسان الحي لا يتنازل ودون شعور منه بالتفاعل الإنساني مع محيطه، وبعض أفكارنا التي نسعى لتحقيقها تكون خارجة عن إمكاناتنا الحقيقية سواء المالية أو ظروف المكان والزمان ونسعى في ذلك سنوات طويلة مع أننا لا ننتبه بأننا نحن المقصودين في البيت الذي نردده دائماً:
وإذا كانت النفوس كباراً
تعبت في مرادها الأجسام
ـ اكتشاف الأصدقاء المناسبين مبكراً يحتاج إلى فطنة لا نملكها جميعاً، نخوض غمار التجارب ونتعلم من الحياة، يدفع بعضنا ثمناً باهظاً في ذلك، قد يبقى يسدد هذا الثمن طيلة حياته، المحظوظ منا من يسدده مبكراً، رغم أننا وفي بدايات الشباب نردد معجبين بما تركه لنا المتنبي:
وما الخيل إلا كالصديق قليلة
وإن كثرت في عين من لا يجرب
ـ ننهمك في تحقيق أهداف وغايات، تأخذ منا وقتاً في ذلك، قد ننجح في بعضها ونفشل في بعضها الآخر، لكن كل ذلك على حساب أمر ما، أقرب هذه الـ "ما" أن الوقت مضى على حساب أشياء أخرى، غفلت عنها وأنت في طريقك مندفعاً، وقت أسرتك وأبنائك، في الحقيقة مرتكب هذا الخطأ لا يوّد أن يقال عنه إنه "أناني" لأنه قد يكون معطاءً وكريماً، هذا ظاهر نتيجة تحقيق شيء ما، دائماً يأتي على حساب شيء آخر، أكثر من بيت شعر رددناه للمتنبي ونحن المقصودين بذلك:
ومن ينفق الساعات في جمع ماله
مخافة فقر فالذي يفعل الفقر
ـ نظن ولا نعلم ببواطن الأمور لأنها بواطن، نحن نرى بأعيننا وقد نَظلم ونعتقد خطأًً، الأكيد أننا لا نصيب دائماً، المشهد أحياناً غير مكتمل، لكننا نكمله بظنوننا وبأفكارنا ذات الاتجاه الواحد، نحن لا نشعر بذلك لأننا أردنا ذلك، تختلف عقول الناس في حكمها وحكمتها، لكن لا أحد حصّل الدرجة النهائية، نصف بعض الناس أحياناً ونحكم عليهم دون معرفتنا بظروفهم رغم أننا نحفظ للمتنبي:
وما كلّ بمعذور ببخل
ولا كلّ على بخل يلام