2019-04-25 | 23:26 منوعات

رئيس تحرير نشرات الأخبار الرياضية في قناة العربية يقلّب هموم المهنة
الحمود بعد 13 عاما خارج الوطن يؤكد الرصاصة في جيبي

حوار: خالد الرشيد
مشاركة الخبر      

بعيدًا عن الصخب الصحفي، يعيش، لكنه في الوقت نفسه محاطٌ بالمهنة من جميع الجوانب، هذه المهنة التي أجبرته على السكن في مدينة دبي الإماراتية. صحفي يمكن وصفه باللامع حتى إن حاول بكل جهد الانزواء عن الضوء. يأتي هنا ليضع رؤيةً فيها الكثير من الاختلاف عن الآراء السائدة، والكثير من الأحلام التي يصعب تحقيقها، أو أن تتماشى مع الواقع. طلال الحمود، رئيس تحرير نشرات الأخبار الرياضية في قناة العربية، تناول الصحافة وهمومها وحكاياتها بطريقة قد لا يجيدها أحد غيره.
01
قبل أي شيء، لماذا يغيب طلال الحمود الصحفي العتيق وراء الظلال؟
وهل هناك ظلال في رمضاء قناة العربية، أو على منبر الرياضية؟ حسابات الصحفي المتفرغ والتزاماته العملية تختلف عن غيره. أنا تحت الشمس مباشرة.
02
أخذتك المهنة خارج الحدود، هل غيَّرت الخطوات البعيدة فيك شيئًا؟
الحدود لا تعني المكان الجغرافي دائمًا. بعد 16 عامًا في دبي، وفي وسط إعلامي، يضم المئات من مختلف البلدان والثقافات، لابد أن تتغير النظرة إلى الكثير من الأمور. أعجبت بثقافة الاختلاف مع الآخر، زاوية الرؤية نحو الكثير من القضايا، الاستماع إلى الرأي والرأي الآخر، هذه أمور إيجابية، حدوثها يعني دائمًا التغيير نحو الأفضل. هناك أشياء لم ولن تتغير في نمط حياتي، خاصة تلك المستمدة من الثقافة المحلية بما تحمله من قيم وعادات وتقاليد. أحاول دائمًا أن أجعل المحيطين بي يتأثرون بثقافتنا، خاصة أنني لا أخطط للتأثر بالثقافة اليابانية، أو الإسكندنافية!
03
بماذا اختلفت صحافة اليوم عن صحافة الزمن الجميل؟
في الزمن الجميل لم تكن لدينا صحافة. أكثرنا كان يقرأ المطبوعات القادمة من لندن، والكويت، وبيروت، والقاهرة، ولم نكن نشتري الصحف المحلية إلا لمطالعة الإعلانات، ومعرفة أسماء الناجحين. الزمن الجميل على مستوى الممارسة، كان يعج بالموهوبين المتحمسين الذين لم ينالوا الفرصة لإظهار ما لديهم. بعض هؤلاء ابتعد وبعضهم "انسدَّت نفسه".
صحافة اليوم تتفوق في التقنيات والوسائل وسرعة الوصول إلى القارئ، لكنها بلا مواهب، وبلا صحفيين غالبًا. أصبح البحث عن الصحفي المتميز أشبه بالبحث عن إبرة في "كوم قش"، بدليل ما نشاهده في وسائل الإعلام المختلفة من صياغة ركيكة، ومواضيع هزيلة لدرجة أصبحت مستفزة. هناك مواهب شابة لكنها لم تجد طريقها إلى المنصات الإعلامية، واكتشافها مرهون دائمًا بالصدفة.
04
يؤخذ عليك أنك تدافع عن الاتحاد كاتبًا دون حجة دامغة، مجرد اتباع للهوى والسير على خطوات الأحبة، ما رأيك؟
الصحافة بلغت درجةً من الأهمية حتى تم نعتها بالسلطة الرابعة، بمعنى أن الصحفي أصبح بمسؤولية القاضي، أو الشرطي لا يحق له الانحياز إلى طرف على حساب آخر، وفي حال تخليه عن الحياد والموضوعية والصدقية، تنتفي عنه صفة رجل السلطة. لست طرفًا في قضايا الاتحاد، أو الهلال، أو النصر، ولست مستعدًا لفقدان احترام القارئ، أو المشاهد لإرضاء جماهير ناد بعينه، هذه بضاعة لها أهلها، وأنا بضاعتي الصحافة الرصينة. ربما ترضي مقالاتي جمهور الاتحاد يومًا، لكنها بالتأكيد ستغضبهم يومًا ما، لأن للحقيقة أيضًا وجهًا بشعًا.
05
طلال الحمود الصحفي، ماذا بقي معه وسط كل هذا الضجيج؟
الرصاصة لا تزال في جيبي!
06
ما الشيء الوحيد الذي تحتاج إليه الصحافة لتستعيد عافيتها وعنفوانها؟
تغيير بعض المفاهيم والقناعات الخاطئة في مرحلة بناء الصحفي المؤهل للعمل في هذا المجال. ما زلنا نتحدث عن دور أقسام الإعلام في الجامعات مع أنه لا دور لها في تأهيل 90 في المئة من العاملين في الصحافة. ما فائدة أن يتم قبول طالب في قسم الإعلام لمجرد حصوله على 99 في المئة في شهادة الثانوية؟ غالبًا نحن أمام مشروع "دافور"، سيحفظ الكتب المقرَّرة قبل أن يحصل على الشهادة مع مرتبة الشرف، ثم لا يجد مكانًا يستوعبه، إلا أن يصبح أستاذًا للإعلام في الجامعة لتعليم الـ "دوافير" الجدد الذين يسيرون على خطاه.
ما فائدة أن يتم قبول طالب لا يمتلك الحد الأدنى من الثقافة العامة، وليس لديه نشاط في وسائل الإعلام قبل انضمامه إلى قسم الإعلام. من هنا تبدأ المشكلة.
07
أي شيء تتمنى أن يغيب ويدفن تحت الأنقاض في مهنة التعب والمتاعب؟
ظاهرة "المكلمنجية" التي حوَّلت الصحافة إلى حراج. بعض هؤلاء لا يستطيع أن يصنع محتوى يمكن قراءته، أو مشاهدته، ومع هذا تجده يحلل المباريات، ويبحث في شؤون الاحتراف، وينتقد نمط البناء الأندلسي، وطريقة "التلييس" في مدائن صالح! أيضًا لا ننسى مَن حولوا برامجهم لخدمة مصالحهم الشخصية. تخيَّل أن أحدهم يردد في برنامجه بصفة مستمرة: "أنا ما عندي بيت". وأحيانًا "يطنِّش" المباريات المهمة لاستضافة بطل راليات، أو مالك إسطبل خيول، ويخصِّص زمن البرنامج للتغزل بالخيل، أو لمعان الجنوط! أعطوه بيتًا و"فكونا".
08
لو أجارك الزمن لتأسيس صحيفة يومية، ماذا ستفعل وكيف ستتصرف؟
أول شيء سأفعله إيقاف الطبع على الورق ليلحق بأسلافه من الجلود، وورق البردي، وألواح الخشب. هل يعقل أن تختزل الصحافة بالورق؟ كثيرون يعتقدون أن الصحافة تعني الوسيلة، بينما الحقيقة أنها تعني المحتوى. الورق وسيلة ولَّى زمنها مع ظهور وسائل أفضل وأكثر تفاعلية.
09
في شخصيتك وطباعك وأجوائك، ماذا فعلت الصحافة وتداعياتها على حياتك؟
قبل الصحافة، كانت حدود العالم بالنسبة إلي لا تتخطى دائرة الأقارب والأصدقاء، وبعد الصحافة أصبح العالم بلا حدود. أصبحت مجبرًا على الاستغناء عن حدة المزاج، والتفرد بالرأي، وتحولت القراءة في حياتي من هواية إلى عمل يومي، أيضًا وجدت أن من أعظم النصائح مقولة "كبّر دماغك". هي بالمناسبة أسلوب حياة رائع، يمكن الاعتماد عليه. عندما تتحكم أنت في توقيت ونوع ردة الفعل، تكون قد تحرَّرت من أن يفرض عليك الطرف المقابل "الفعل وردة الفعل".
10
الصحافة مهنة صعبة لكنهم استسهلوها واقتحموها، ماذا تقول لمثل هؤلاء الداخلين؟
أقول لهم: اسرحوا وامرحوا، إنه زمنكم!