كرة القدم بعيون إدواردو جاليانو.. عملاق الصحافة في أمريكا الجنوبية في الشمس والظل..
اختصر اللعبة
قبل أشهر من النسخة المئوية لبطولة كوبا أمريكا عام 2016، ودّعت القارة الأمريكية الجنوبية رمزاً من رموز الصحافة والأدب، مع رحيل إدواردو جاليانو الكاتب الأوروجوياني العملاق عن عمر يناهز 74 عامًا. وترك جاليانو إرثًا ضخمًا لقاء أعماله المميزة في عدة مجالات، لكنه طبع بصمة جميلة وثابتة في الرياضة، فهو وصف نفسه بالمتسوّل الذي يبحث عن كرة القدم الجميلة، ووصفها بالمتعة المؤلمة، قبل أن يمنحها كل العاطفة والمشاعر في كتاباته الكثيرة، ولا سيما في كتابه الشهير: كرة القدم في الشمس والظل.
ونشر جاليانو الطبعة الأولى من كتابه عام 1995، وتكونت من 320 صفحة تطرق فيها إلى مواضيع كثيرة مرتبطة بكرة القدم، انطلاقًا من جذورها الأولى في الصين قبل 5 آلاف عام. ويشرح الصحفي الأوروجوياني كيف توهجت هذه الرياضة في القارة الأمريكية الجنوبية لتصبح رياضة سامية هناك، مع الأسلوب الأنيق والمبهج المبني على المراوغة "المهذبة"، والتمريرات القصيرة وسرعة تغيير الإيقاع، والتي يتقنها أطفال فقراء لا يملكون ألعابًا سوى خرقة على شكل كرة قدم.
ويمرّ جاليانو في صفحات كتابه على لاعبين وُلدوا مع كرة قدم تحت أقدامهم، ووقفت إلى جانبهم أمة كاملة، بدءًا من البرازيلي أرثور فريدنرايخ ابن المهاجر الألماني، الذي كان أول من نقل الأسلوب البرازيلي من الأحياء الفقيرة إلى الملاعب، وجارينشا البرازيلي الآخر الذي عانى شلل الأطفال، فكان قصير القامة وصغير البنية، لكن هذا لم يمنعه من مداعبة كرة القدم ليُظهرها وكأنّها ترقص، والهولندي رود خوليت الذي حارب التمييز العنصري داخل الملعب وخارجه، وبيليه الذي قال عنه إنه يتجاوز اللاعبين كسكين ساخن يمر في قالب زبدة، وصولًا إلى مجموعة أخرى من الأساطير مثل بيكنباور وكرويف ومارادونا.
وتناول الكاتب الأوروجوياني مباريات كأس العالم وعشرات الأهداف التي لا تُنسى، لكنه وصف كرة القدم بالمتعة المؤلمة مع استمرار رحلتها من الجمال إلى الواجب، وتفوّق عامل حصد النتائج الجيدة على اللعب الجميل. ويتميّز كتاب جاليانو عن سائر الكتب الأخرى بالأسلوب الفريد لكاتبه، فالمترجم مارك فريد نقل غنائية وشعرية نثر جاليانو إلى الإنجليزية، ففي كل صفحة هناك عبارة أو جملة تترك القارئ أمام رهبة موهبة جاليانو. ووضعت مجلة "سبورتس إلاستريتد" الشهيرة كتاب جاليانو في قائمة أفضل 100 كتاب عن الرياضة في التاريخ، فيما عدت صحيفة "ذا نيو يوركر" أن هذا الكتاب على رف مكتبة يشبه بيليه في ميدان كرة قدم.