أهميّتنا تُقاس بما يهمّنا!
ـ اسمع يا أنا، واسمع يا أخي: نحن جميعًا في شغل دائم، لا أحد مرتاح من التفكير، الحكاية وما فيها أننا إمّا أنْ نكون مشغولين بتفاهات أو بأشياء عظيمة، وأيًّا ما كان هذا الذي يشغلنا فإنه مُهمّ بالنسبة لنا، وأهميّتنا تُقاس بما يهمّنا!.
ـ طالما أنّ لنا عقلًا فسنفكِّر، والحكاية كلّها في نوعيّة هذا التفكير، في الموضوع وفي مدى التعمّق فيه وفي كثافة التدبّر!، وطالما أنّ لدينا قلبًا ومشاعر وأحاسيس، فسنتّخذ مواقف من هذا الذي شغل بالنا وفكّرنا فيه، وسنتصرّف على هذا الأساس، سلبًا وإيجابًا، اهتياجًا وابتهاجًا، استشاطةً وتهلّلًا!.
ـ سواءً كان هذا الذي شغل بالنا مصير كوكب الأرض بعد ألف سنة أو عدم تقديم القهوة لنا بطريقة مناسبة من قِبَل عامل المقهى!. الحكاية كلّها تكمن في الأهميّة التي نتناول بها الموضوع!.
ـ فالذي يرى أنّ في طريقة تقديم الجرسون القهوة له أنها كانت سيئة ولا تحترم مكانته ويعمل من هذه "الحَبّة" قُبّة!، ويصبح مستعدًّا لرفع الصوت وطلب المدير والتّبرّم بشكوى طويلة اللسان، هو بلا شك قد حدّد أهميته في هذه اللحظة على الأقل بهذا الموضوع، وكما يقال باللهجة المصريّة خفيفة الدم: "دَهْ.. تمامه"!.
ـ المثال السابق، حدث أمامي قبل دقائق، وقد غضب الرجل وترك المكان، فعمّ هدوء غريب، وقد كنت أبحث عن فكرة مقالة لكتابتها دون جدوى، ساعة كاملة في المقهى وقبلها في الطريق إليه أبحث ولا أدري ما أكتب، إلى أنْ رزقني الله هذا الضجيج المفتعل بطريقة أساءت للرجل أضعاف مما حاول رميه على العامل المسكين الذي تعاطفنا معه جميعًا: مصائب قومٍ عند قومٍ مقالات أحيانًا!.
ـ ما الذي يشغل بالك؟ ما هي الأشياء التي فكّرت فيها اليوم؟ ما المواقف أو الكلمات التي أغضبتك وأزعجتك وأحزنتك، أو أضحتك وأرضتك وأسعدتك طوال النهار؟، اجمعها واخلطها ببعض، وخذ النتيجة: هذا أنت اليوم!.
-أيًّا كانت النتيجة، فكّر بالأهم: غدًا.. من أكون؟، وعلى هذا الأساس تصرّف!.