مسفر الدوسري.. الإنسان!
ـ استوقفتني جملة للزميل عبدالله الفلاح، كتبها ردًّا كريمًا على زاويتي التي تضمنت قصيدة بعنوان "وصفة شعر"، والتي نُشرت هنا قبل أيام، كانت القصيدة عن مسفر الدوسري، وكانت كلمات عبدالله الفلاح الأولى: "ولا أحد مثلي يعرفه.."!.
ـ تبدو جملة قصيرة، وهي كذلك بالفعل، لكنها استوقفتني. رحت أتأمّلها طويلًا. أظنها واحدة من أكثر الجُمَل صدقًا، حتى إن لم تكن من أكثرها حقيقةً!.
ـ الأكيد أنها واحدة من أكثر الجُمَل اقتناصًا للطبيعة الخلّابة في شخصية مسفر الدوسري.. الإنسان!.
ـ كل من اقترب من مسفر الدوسري، الاقتراب الذي يسمح باتكاء كلمة "صداقة" في صدر مجلس القلب، مُنِحَ بثراء إنساني عظيم هذا الظن المبجّل بما يفوق الحقيقة ويتجاوز اليقين!.
ـ كل واحدٍ منّا، نحن الذين رُزِقنا صُحبة مسفر، يظن في نفسه بصدق عزيز المشاعر، مُبجّل، أنه الأكثر جدارةً بقول الجملة حرفيًّا: "ولا أحد مثلي يعرفه"!.
ـ عجيبة العجائب في شخصيّة مسفر الدوسري، أنه بالفعل، أنال كل واحدٍ منّا على حِدَة، بسابغ محبة ووافر تحنان ومودّة، هذا الشعور الأكثر لطفًا وعطفًا وأُلْفَة وتفهّمًا واحتواءً!.
ـ لكن الفتّاك، باهظ الأسى، تمثّل حقًّا في القدرة المدويّة لكلمات عبدالله الفلاح على فضح مُضمَرٍ، لم أتبيّنه طيلة هذا العمر، ولم أقف أمامه وجهًا لوجه إلا حين تأمّلت الجملة وتأمّلتني طويلًا: "ولا أحد مثلي يعرفه"!.
ـ كان الأمر يُشبه سقوط عملة معدنيّة، ظلّت تتلوّى بانطلاقة كلّما خفّت قوّتها مالت إلى أن سقطت كاشفةً وجهها الآخر: مسفر الدوسري هو الذي كان يعرفنا، ولا أحد مثله عرفنا!.
ـ فضلًا عن المساعدة الفعلية والعملية بكل ما يستطيع، كانت لديه دائمًا، تلك القدرة الحيويّة المليحة التي بلا مثيل، على الإصغاء المُشبع بالتفهم والحنان للآخر!. لا يمسّ طُهر هذا الإصغاء تململ من أي نوع، ولا مُقاطعة، كأنه خُلِق من أجلنا!.
ـ في هذا، لم أشهد سخاءً مثل الذي تمتّع به مسفر مع الجميع، لدرجة تشوّشتْ معها كلمة "الجميع" هذه كثيرًا، فكل من عرف مسفر الدوسري ظل يشعر على الدوام بأنه "مُفرَد" المُصافاة، لا يُخالطه في المودّة أحد!.
ـ كان.. وسيظل!. اللهم شفاءً لا يغادر سقمًا يا رب العالمين..