ليست مجرد ورق
الذين يربطون الصحافة بالأوراق لا يخرجون من جهلة لا يعون ولا يستوعبون ولا يعرفون العمل المهني الواسع لهذه الصنعة التي تحرك مدارات الإعلام في كل مكان حول العالم..
أو أنهم حاقدون عليها ووجدوا في التراجع الرهيب للصحافة الورقية فرصة سانحة لتصفية حسابات السنين..
كل شيء يعيش في رحى الإعلام بطريقة مباشرة أو بعيدة هو نتاج للصحافة.. المحطة التلفزيونية المتمايزة عن منافساتها ونظيراتها تقدمت الصفوف بقدرة الصحفيين العاملين فيها على صناعة الفارق في التقارير وصياغة الأخبار وإجراء تحقيقات ميدانية واستطلاعات مستمرة وحوارات مقنعة بين السائل والمسؤول..
المحطة الإذاعية التي تنشد اجتذاب ملايين المستمعين لا تأتي بصوت لديه القدرة والجرأة على الكلام دون الخوف من تبعات الهواء المباشر والفضاء المفتوح فقط، وإنما تستعين بصحفيين مهرة يدركون ماهية الأشياء التي يفضل الناس استماعها في أوقات اليوم المتفاوتة..
من هنا يمكن الانطلاق إلى الجلوس تحت المظلة الوارفة والقول بثبات وهدوء وتروٍّ، إن الورق ونهاية التعامل معه ليس مقرونًا بفناء الصحافة وأدواتها كما يروج ثلة من المرجفين المتعجلين المرددين حكايات يتناقلها أصحابنا المصنفون بالجهل أو الحقد..
الورق وسيلة الصحافة وجسرها الذي عبر بها إلى منابت الضوء والشمس والسطوع، لكن أبدًا أبدًا لن تكون أسيرة لعوالم التجدد ونهايات عهد الآفلين بلا رجعة، فهي تملك أسلحتها وبضاعتها وأدواتها ولا يعني ما ينقلها إلى الناس أكان ورقًا أو صورة أو صوتًا أو حتى عبارات عابرة في أزمنة ما تسمى مجازًا بوسائل التواصل الاجتماعي..
إنها باقية ما بقيت عقول نيرة ترى فيها المسافة الفاصلة بين الغث والسمين وبين النظام والفوضى وبين الوعي والجنون وبين الطريق المعبد المستقيم وبين الطريق المعوج المتعرج..
ليست ورقًا مهنتكم أيها الرفاق الصحفيون.. احذروا الانسياق وراء هذا الوهم وهذا التلفيق وهذا الافتراء.. وقد خاب من افترى..