2019-11-27 | 22:01 مقالات

الفن والعلم والدّين!

مشاركة الخبر      

ـ هل يحلم الجنين وهو في بطن أمّه؟!. لا أدري، لم أقرأ شيئًا موثقًا يجيب بنعم!. لكن حتى لو سبَقْنا نتائج العِلم بتخيّل إمكانية حدوث ذلك، وسَلّمنا بصحة بعض الآراء المتناثرة، فإن هذا يعني أن الجنين عاش حياةً لا نعرفها، وفيها سمع ورأى وجرّب واعتقد!.
ـ يحلم راقدًا، أو يتخيّل ساهدًا، أمر لا يمكن حدوثه، فيما يبدو، دون أن يكون مسبوقًا بحياة، وأن يكون صاحب هذه الحياة قد سمع ورأى وأحسّ وجرّب واشتهى وخاف وآمَن وظنّ واعتقد!.
ـ كل ما أتت به فنون الرسم والسينما وحكايات القصص وكتب الروايات من أشكال خياليّة، كانت من الواقع مهما حاول أصحابها الهروب منه والابتعاد عنه!.
ـ مخلوقات الحكايات الأسطورية، ومخلوقات الكواكب الأخرى التي تفننت السينما باقتراحات أشكالها، كل ما يمكن لك الآن تتخيّله من أي شيء تجاه أي شيء، لن يخرج عن كونه مسألة فكّ وتركيب، وإعادة تدوير، لما سبق لك رؤيته ومعايشته واتخاذ موقف ما منه في السابق!.
ـ كل الحكايات التي يمكن لك أن تحكيها وأن تكتبها، كل الحكم والمواعظ والدروس الظاهرة والخبيئة فيها، ليست سوى فكّ وتركيب، وإعادة تدوير، لما سبق لك معايشته أو سماعه والإحساس بأثره!.
ـ الخيال جزء من الواقع، مثلما هو الحلم جزء من اليقظة!.
ـ هذا يعني أنه لا يمكن لك توسيع آفاق خيالك، ولا تأمّلاتك، في الرقاد أو في اليقظة، برضاك أو رغمًا عنك، ما لم تنغمس في أكبر قدر ممكن من المشاهدات والتجارب والمعايشة وتكديس الأحاسيس بعضها فوق بعض!.
ـ حتى الجنّة والنار، لا يمكن للمرء التفكير بهما، ولا تخيّلهما، إلا من خلال ما عايش وجرّب وأحس!. ومهما كان إيمانه قويًّا، وعقيدته سليمة، وثقته مطلقةً بأن الجنة "ما لا عين رأت ولا أُذُن سمعت ولا خطر على قلب بشر"، فإنه يتخيّلها إذ يتخيّلها، فلا ترتسم لديه إلا بما سمع وشاهد وقرأ وجرّب وعايش وأحسّ!.
ـ للشيطان مداخل كثيرة، لكن ليس له مدخل أوسع من هذا: يتملّق الإنسان إلى أن يقع على نقطة الكِبْر فيه!. ما أن يقع عليها حتى يُقنعه بأنّ كل ما هو "غيب" يمكن تمثّله من فكّ وتركيب الواقع!. الشّرك بالله، والعياذ بالله، هذا مدخله: هل كانت الأصنام إلا محاولة شيطانية لتحديد وتصوير وتجسيد ما لا يُحدّ ولا يُصوّر ولا يتجسّد؟!.
ـ من هنا يفرق الدين عن الفن وعن العلم أيضًا!. يفرق ويعلو!. الفن تخيّل، والعلم شك، أما الدّين ممثلًا في حالته الأعلى حيث الله جل جلاله ونُزّه تنزيهًا خالصًا وعظيمًا، فهو مسألة يقين، لا تخيّل ولا شك!.